تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٥ - الصفحة ١١٠
ولا يجوز أن يكون استثناء من الضمير في * (فلا تتخذوا) * (النساء: 89) وإن كان أقرب لأن اتخاذ الولي منهم حرام مطلقا.
* (أو جآءوكم) * عطف على الصلة أي (و) الذين جاءوكم كافين من قتالكم وقتال قومهم، فقد استثنى من المأمور بأخذهم وقتلهم فريقان: من ترك المحاربين ولحق بالمعاهدين؛ ومن أتى المؤمنين وكف عن قتال الفريقين، أو عطف على صفة قوم كأنه قيل: إلا الذين يصلون إلى قوم معاهدين، أو إلى قوم كافين عن القتال لكم وعليكم، والأول: أرجح رواية ودراية إذ عليه يكون لمنع القتال سببان: الاتصال بالمعاهدين، والاتصال بالكافين وعلى الثاني: يكون السببان الاتصال بالمعاهدين والاتصال بالكافين لكن قوله تعالى الآتي: * (فإن اعتزلوكم) * الخ يقرر أن أحد السببين هو الكف عن القتال لأن الجزاء مسبب عن الشرط فيكون مقتضيا للعطف على الصلة إذ لو عطف على الصفة كان أحد السببين الاتصال بالكافين لا الكف عن القتال، فإن قيل: لو عطف على الصفة تحققت المناسبة أيضا لأن سبب منع التعرض حينئذ الاتصال بالمعاهدين والاتصال بالكافين، والاتصال بهؤلاء وهؤلاء سبب للدخول في حكمهم، وقوله سبحانه: * (فإن اعتزلوكم) * يبين حكم الكافين لسبق حكم المتصلين بهم، أجيب: بأن ذلك جائز إلا أن الأول أظهر وأجرى على أسلوب كلام العرب لأنهم إذا استثنوا بينوا حكم المستثنى تقريرا وتوكيدا، وقال الإمام: " جعل الكف عن القتال سببا لترك التعرض أولى من جعل الاتصال بمن يكف عن القتال سببا (قريبا) لترك التعرض لأنه سبب بعيد " على أن المتصلين بالمعاهدين ليسوا معاهدين لكن لهم حكمهم بخلاف المتصلين بالكافين فإنهم إن كفوا فهم هم وإلا فلا أثر له، وقرأ أبي * (جاءوكم) * بغير أو على أنه استئناف وقع جوابا لسؤال كأنه قيل: كيف كان الميثاق بينكم وبنيهم؟ فقيل: جاءوكم الخ، وقيل: يقدر السؤال كيف وصلوا إلى المعاهدين ومن أين علم ذلك وليس بشيء، أو على أنه صفة بعد صفة لقوم، أو بيان ليصلون، أو بدل منه، وضعف أبو حيان البيان بأنه لا يكون في الأفعال، والبدل أنه ليس إياه ولا بعضه ولا مشتملا عليه، وأجيب بأن الإنتهاء إلى المعاهدين والاتصال بهم حاصله الكف عن القتال فصح جعل مجيئهم إلى المسلمين بهذه الصفة، وعلى هذه العزيمة بيانا لاتصالهم بالمعاهدين، أو بدلا منه كلا أو بعضا أو اشتمالا وكون ذلك لا يجري في الأفعال لا يقول به أهل المعاني، وقيل: هو معطوف على حذف العاطف، وقوله تعالى: * (حصرت صدورهم) * حال بإضمار قد، ويؤيده قراءة الحسن - حصرة صدورهم - وكذا قراءة - حصرات وحاصرات - واحتمال الوصفية السببية لقوم لاستواء النصب والجر بعيد. وقيل: هو صفة لموصوف محذوف هو حال من فاعل جاءوا أي جاءكم قوما حصرت صدورهم ولا حاجة حينئذ إلى تقدير قد، وما قيل: إن المقصود بالحالية هو الوصف لأنها حال موطئة فلا بد من قد سيما عند حذف الموصوف فما ذكر التزام لزيادة الإضمار من غير ضرورة غير مسلم، وقيل: بيان لجاءوكم وذلك كما قال الطيبي لأن مجيئهم غير مقاتلين و * (حصرت صدورهم) * أن يقاتلوكم بمعنى واحد، وقال العلامة الثاني: من جهة أن المراد بالمجيء الاتصال وترك المعاندة والمقاتلة لا حقيقة المجيء، أو من جهة أنه بيان لكيفية المجيء، وقيل: بدل اشتمال من * (جاءوكم) * لأن المجيء مشتمل على الحصر وغيره، وقيل: إنها جملة دعائية، ورد بأنه لا معنى للدعاء على الكفار بأن لا يقاتلوا قومهم، بل بأن يقع بينهم اختلاف وقتل، والحصر بفتحتين الضيق والانقباض * (أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم) * أي عن أن يقاتلوكم، أو لأن، أو كراهة أن * (ولو شاء الله لسلطهم عليكم) *
(١١٠)
مفاتيح البحث: القتل (11)، المنع (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»