تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٢
وقيل: إن بين هذه المسألة ومسألة تزويج المشرقي بمغربية بعدا كبعد ما بين المشرق والمغرب لأن الوطء هنا متحقق في الجملة من غير حاجة إلى قطع براري وقفار ولا كذلك هناك والله تعالى أعلم.
والبنات جمع بنت في المشهور وصحح أن لامها واو كأخت وإنما رد المحذوف في أخوات ولم يرد في بنات حملا لكل واحد من الجمعين على مذكره، فمذكر بنات لم يرد إليه المحذوف بل قالوا فيه بنون، ومذكر أخوات رد فيه محذوفه فقالوا في جمع أخ: إخوة وأخوات، وقد نظم الدنوشري السؤال فقال: أيها الفاضل اللبيب تفضل * بجواب به يكون رشادي لفظ أخت ولفظ بنت إذاما * جمعا جمع صحة لا فساد فلأخت ترد لأم وأما * لفظ بنت فلا فأوضح مرادي مع تعويضهم من اللام تاءا * فيهما لا برحت أهل اعتمادي وقد أجاب هو رحمه الله تعالى عن ذلك بقوله: لفظ أخت له انضمام بصدر * ناسب الواو فاكتسى بالمعاد وقال أبو البقاء: التاء فيها ليست لتأنيث لأن تاء للتأنيث لا يسكن ما قبلها، وتقلب هاءا في الوقف فبنات ليس بجمع بنت بل بنه، وكسرت الباء تنبيها على المحذوف قاله الفراء، وقال غيره: أصلها الفتح وعلى ذلك جاء جمعها، ومذكرها وهو بنون، وإلى ذلك ذهب البصريون، وأما أخت فالتاء فيها بدل من الواو لأنها من الأخوة، والأخوات ينتظمن الأخوات من الجهات الثلاث، وكذا الباقيات لأن الاسم يشمل الكل ويدخل في العمات والخالات أولاد الأجداد والجدات وإن علوا، وكذا عمة جده وخالته وعمة جدته وخالاتها لأب وأم أو لأب أو لأم وذلك كله بالإجماع، وفي " الخانية " وعمة العمة لأب وأم أو لأب كذلك، وأما عمة العمة لأم فلا تحرم، وفي " المحيط ": وأما عمة العمة فإن كانت العمة القربى عمة لأب وأم أو لأب فعمة العمة حرام لأن القربى إذا كانت أخت أبيه لأب وأم أو لأب فإن عمتها تكون أخت جدة أب الأب وأخت أب الأب حرام لأنها عمته وإن كانت القربى عمة لأم فعمة العمة لا تحرم عليه لأن أب العمة يكون زوج أم أبيه فعمتها تكون أخت زوج الجدة أم الأب، وأخت زوج الأم لا تحرم، فأخت زوج الجدة أولى أن لا تحرم، وأما خالة الخالة فإن كانت الخالة القربى خالة لأب وأم أو لأم فخالتها تحرم عليه، وإن كانت القربى خالة لأب فخالتها لا تحرم عليه لأن أم الخالة القربى تكون امرأة الجد أب الأم لا أم أمه فأختها تكون أخت امرأة الأب وأخت امرأة الجد لا تحرم عليه انتهى، ولا يخفى أنه كما يحرم على الرجل أن يتزوج بمن ذكر يحرم على المرأة التزوج بنظير من ذكر.
والظاهر أن هذا التحريم الذي دلت عليه الآية لم يثبت في جميع المذكورات في سائر الأديان، نعم ذكروا أن حرمة الأمهات، والبنات كانت ثابتة حتى في زمان آدم عليه السلام ولم يثبت حل نكاحهن في شيء من الأديان، وقيل: إن زرادشت نبي المجوس بزعمهم قال بحله، وأكثر المسلمين اتفقوا على أنه كان كذابا، وعدم إيذاء الصفر المذاب له لأدوية كان يلطخ بها جسده - وقد شاهدنا من يحمل النار بيده بعد لطخها بأدوية مخصوصة ولا تؤذيه - وحينئذ لا يصلح أن يكون معجزة.
وأما حل نكاح الأخوات فقد قيل: إنه كان مباحا في زمان آدم عليه السلام للضرورة وكانت حواء عليها السلام تلد في كل بطن ذكرا وأنثى فيأخذ ذكر البطن الثانية أنثى البطن الأولى، وبعض المسلمين ينكر ذلك ويقول:
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»