تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٦١
الصحيح والهبة مع التسليم والإعتاق كلا أو بعضا والكتابة - ولو تزوج الأخت نكاحا فاسدا لم تحرم عليه أمته الموطوأة إلا إذا دخل بالمنكوحة فحينئذ تحرم الموطوأة لوجود الجمع بينهما حقيقة، ولا يؤثر الإحرام والحيض والنفاس والصوم وكذا الرهن والإجارة والتدبير لأن فرجها لا يحرم بهذه الأسباب، وإذا عادت الموطوأة إلى ملكه بعد الإخراج سواء كان بفسخ أو شراء جديد لم يحل وطء واحدة منهما حتى يحرم الأمة على نفسه بسبب كما كان أولا، وظاهر قولهم: لا يحل الوطء حتى يحرم أن النكاح صحيح، وقد نصوا على ذلك وعللوه بصدوره عن أهله مضافا إلى محله، وأورد عليه أن المنكوحة موطوأة حكما باعترافهم فيصير بالنكاح جامعا وطءا حكما وهو باطل، ومن هنا ذهب بعض المالكية إلى عدم الصحة، وأجيب بأن لزوم الجمع بينهما وطءا حكما ليس بلازم لأن بيده إزالته فلا يضر بالصحة ويمنع من الوطء بعدها لقيامه إذ ذاك وإسناد الحرمة إلى الجمع لا إلى الثانية بأن يقال: وأخوات نسائكم للاحتراز عن إفادة الحرمة المؤبدة كما في المحرمات السابقة، ولكونه بمعزل عن إفادة حرمة الجمع على سبيل المعية، ويشترك في هذا الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها ونظائر ذلك فإن مدار حرمة الجمع بين الأختين إفضاؤه خلافا لما في " المبسوط " إلى قطع ما أمر الله تعالى بوصله كما يدل عليه ما أخرجه الطبراني من قوله صلى الله عليه وسلم: " فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم " وما رواه أبو داود في " مراسيله " عن عيسى بن طلحة قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة " وذلك متحقق في الجمع بين من ذكرنا بل أولى فإن العمة والخالة بمنزلة الأم فقوله صلى الله عليه وسلم مبالغا في بيان التحريم: " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أختها ولا على ابنة أخيها " من قبيل بيان التفسير لا بيان التعبير عند بعض المحققين. وقال آخرون: إن الحديث مشهور فقد ثبت في " صحيحي مسلم وابن حبان "، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي، وتلقاه الصدر الأول بالقبول من الصحابة. والتابعين، ورواه الجم الغفير منهم أبو هريرة وجابر وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وأبو سعيد الخدري، فيجوز تخصيص عموم قوله تعالى: * (وأحل كم ما رواء ذلكم) * (النساء: 24) بل لو كان من أخبار الآحاد جاز التخصيص به غير متوقف على كونه مشهورا، وقال ابن الهمام: الظاهر أنه لا بد من ادعاء الشهرة لأن الحديث موقعه النسخ لا التخصيص، وبينه في " فتح القدير " فارجع إليه.
* (إلا ما قد سلف) * استثناء منقطع. وقصد المبالغة والتأكيد هنا غير مناسب للتذييل بقوله تعالى: * (إن الله كان غفورا رحيما) * لأن الغفران والرحمة لا يناسب تأكيد التحريم. والمراد مما سلف ما مضى قبل النهي فإنهم كانوا يجمعون به الأختين، أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه عن فيرز الديلمي أنه أدركه الإسلام وتحته أختان فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " طلق أيتهما شئت "، وقال عطاء والسدي: معناه إلا ما كان من يعقوب عليه السلام إذ جمع بين الأختين، ليا أم يهودا وراحيل أم يوسف عليه السلام، ولا يساعده التذييل لما أن ما فعله يعقوب عليه السلام إن صح كان حلالا في شريعته. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله تعالى إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين، وروي مثله عن محمد بن الحسن وأنه قال: ألا يرى أنه قد عقب النهي عن كل منهما بقوله سبحانه: * (إلا ما قد سلف) * وهذا - كما قال شيخ الإسلام - يشير إلى كون الاستثناء فيهما على سنن واحد ويأباه اختلاف ما بعدهما.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261