وهو السدس، والثلث هو فرض الأم، فالمناسب أن يكون ذلك لأولاد الأم، ويقال لهم إخوة أخياف، وبنو الأخياف، والإضافة بيانية، والجملة في محل النصب على أنها حال من ضمير * (يورث) * أو من * (رجل) * على تقدير كون * (يورث) * صفة له ومساقها لتصوير المسألة، وذكر الكلالة لتحقيق جريان الحكم المذكور، وإن كان مع من ذكر ورثة أخرى بطريق الكلالة ولا يضر عند من لم يقل بالمفهوم جريانه في صورة الأم، أو الجدة مع أن قرابتهما ليس بطريق الكلالة، وكذا لا يضر عند القائل به أيضا للإجماع على ذلك * (فلكل واحد منهما) * أي الأخت والأخ * (السدس) * مما ترك من غير تفضيل للذكر على الأنثى، ولعله إنما عدل عن - فله السدس - إلى هذا دفعا لتوهم أن المذكور حكم الأخ، وترك حكم الأخت لأنه يعلم منه أن لها نصف الأخ بحكم الأنوثة والحكمة في تسوية الشارع بينهما تساويهما في الإدلاء إلى الميت بمحض الأنوثة.
* (فإن كانوا) * أي الأخوة والأخوات من الأم المدلول عليهم بما تقدم والتذكير للتغليب * (أكثر من ذالك) * أي المذكور بواحد، أو بما فوقه والتعبير باسم الإشارة دون الواحد لأنه لا يقال أكثر من الواحد حتى لو قيل أول بأن المعنى زائدا عليه، وبعض المحققين التزم التأويل هنا أيضا إذ لا مفاضلة بعد انكشاف حال المشار إليه، ولعل التعبير باسم الإشارة حينئذ تأكيد الإشارة إلى أن المسألة فريضة، والفاء لما مر من أن ذكر احتمال الانفراد مستتبع لذكر احتمال العدد. * (فهم شركآء في الثلث) * يقتسمونه فيما بينهم بالسوية، وهذا مما لا خلاف فيه لأحد من الأمة، والباقي لباقي الورثة من أصحاب الفروض والعصبات، وفيه خلاف الشيعة، هذا ومن الناس من جوز أن يكون يورث في القراءة المشهورة مبنيا للمفعول من أورث على أن المراد به الوارث، والمعنى وإن كان رجل يجعل وارثا لأجل الكلالة؛ أو ذا كلالة أي غير والد ولا ولد، ولذلك الوارث أخ أو أخت فلكل من ذلك الوارث، أو أخيه أو أخته السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك أي من الاثنين بأن كانوا ثلاثة، أو أكثر فهم شركاء في الثلث الموزع للاثنين لا يزاد عليه شيء، ولا يخفى أن الكلام عليه قاصر عن بيان حكم صورة انفراد الوارث عن الأخ والأخت ومقتض أن يكون المعتبر في استحقاق الورثة للفرض المذكور إخوة بعضهم لبعض من جهة الأم فقط، وخارج على مخرج لا عهد به، وفيه أيضا ما فيه، وقد أوضح ذلك مولانا شيخ الإسلام قدس سره بما لا مزيد عليه.
* (من بعد وصية يوصى بهآ أو دين غير مضآر) * أي من غير ضرار لورثته فلا يقر بحق ليس عليه، ولا يوصى بأكثر من الثلث قاله ابن جبير فالدين هنا مقيد كالوصية، وفي * (يوصى) * قراءتان سبعيتان في البناء للمفعول والبناء للفاعل، و * (غير) * على القراءة الأولى حال من فاعل فعل مبني للفاعل مضمر يدل عليه المذكور، وما حذف من المعطوف اعتمادا عليه، ونظيره قوله تعالى: * (يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال) * (النور: 36، 37) على قراءة * (يسبح) * بالبناء للمفعول، وقول الشاعر: (ليبك) يزيد ضارع لخصومة * ومختبط مما تطيح الطوائح وعلى القراءة الثانية حال من فاعل الفعل المذكور والمحذوف اكتفاءا به، ولا يلزم على هذا الفصل بين الحال وذيها بأجنبي كما لا يخفى، أي يوصى بما ذكر من الوصية والدين حال كونه غير مضار، ولا يجوز أن يكون حالا من الفاعل المحذوف في المجهول لأنه ترك بحيث لا يلتفت إليه فلا يصح مجيء الحال منه، وجوز فيه أن يكون صفة مصدر أي إيصاء غير مضار، واختار بعضهم جعله حالا من وصية أو دين أي من بعد أداء وصية أو دين غير مضار ذلك الواحد؛ وجعل التذكير للتغليب وليس بشيء، وجوز هذا البعض أن يكون المعنى