وجعل ذلك بعضهم من باب التسمية بالمصدر وآخرون جوزوا كونها صفة - كالهجاجة - للأحمق قال الشاعر:
(هجاجة) منتخب الفؤاد * كأنه نعامة في واد وتستعمل في المال الموروث مما ليس بوالد ولا ولد إلا أنه استعمال غير شائع وهي في جميع ذلك لا تثنى ولا تجمع، واختار كثير كون أصلها من تكلله النسب إذ أحاط به، ومن ذلك الإكليل لإحاطته بالرأس، والكل لإحاطته بالعدد، وقال الحسين بن علي المغربي: أصل الكلالة عندي ما تركه الإنسان وراء ظهره أخذا من الكل وهو الظهر والقفا، ونصبها على أنها مفعول له أي يورث منه لأجل القرابة المذكورة، أو على أنها حال من ضمير * (يورث) * أي حال كونه ذا كلالة واختاره الزجاج، أو على أنها خبر لكان؛ و * (يورث) * صفة لرجل أي إن كان رجل موروث ذا كلالة ليس بوالد ولا ولد، وذكر أبو البقاء احتمال كون * (كان) * تامة، و * (رجل) * فاعلها، و * (يورث) * صفة له، و * (كلالة) * حال من الضمير في يورث، واحتمال نصبها على هذا الاحتمال على أنها مفعول له أيضا ظاهر، وجوز فيها الرفع على أنها صفة، أو بدل من الضمير إلا أنه لم يعرف أحد قرأ به فلا يجوز القراءة به أصلا، وجعل نصبها على الاستعمال الغير الشائع على أنها مفعول ثان ليورث.
وقرىء * (يورث) * و * (يورث) * بالتخفيف والتشديد على البناء للفاعل، فانتصاب * (كلالة) * إما على أنها حال من ضمير الفعل والمفعول محذوف أي يورث وارثه حال كونه ذا كلالة، وإما على أنها مفعول به أي يورث ذا كلاله، وإما على أنها مفعول له أي يورث لأجل الكلالة كذا قالوا، ثم إن الذي عليه أهل الكوفة وجماعة من الصحابة والتابعين هو أن الكلالة هنا بالمعنى الثالث، وروي عن آخرين - منهم ابن جبير وصح به خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنها بالمعنى الثاني، ولم نر نسبة القولين الآخرين لأحد من السلف، والأول منهما غير بعيد، والثاني سائغ إلا أن فيه بعدا كما لا يخفى.
* (أو امرأة) * عطف على * (رجل) * مقيد بما قيد به، وكثيرا ما يستغنى بتقييد المعطوف عليه عن تقييد المعطوف، ولعل فصل ذكرها عن ذكره للإيذان بشرفه وأصالته في الأحكام، وقيل: لأن سبب النزول كان بيان حكمه بناءا على ما روي عن جابر أنه قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض فقلت: كيف الميراث وإنما يرثني كلالة؟ فنزلت آية الفرائض لذلك * (وله) * أي الرجل، وتوحيد الضمير لوجوبه فيما وقع بعد، أو حتى أن ما ورد على خلاف ذلك مؤل عند الجمهور كقوله تعالى: * (إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما) * (النساء: 135) وأتى به مذكرا للخيار بين أن يراعى المعطوف أو المعطوف عليه في مثل ذلك، وقد روعي هنا المذكر لتقدمه ذكرا وشرافة، ويجوز أن يكون الضمير لواحد منهما، والتذكير للتغليب، وجوز أن يكون راجعا للميت، أو الموروث ولتقدم ما يدل عليه، وأبعد من جوز أن يكون عائدا للرجل، وضمير المرأة محذوف، والمراد وله أو لها: * (أخ أو أخت) * أي من الأم فقط - وعلى ذلك عامة المفسرين - حتى أن بعضهم حكى الإجماع عليه. وأخرج غير واحد عن سعيد بن أبي وقاص أنه كان يقرأ (وله أخ أو أخت من أم)، وعن أبي من الأم، وهذه القراءة وإن كانت شاذة إلا أن كثيرا من العلماء استند إليها بناءا على أن الشاذ من القراءات إذا صح سنده كان كخبر الواحد في وجوب العمل به خلافا لبعضهم، ويرشد إلى هذا القيد أيضا أن أحكام بني الأعيان والعلات هي التي تأتي في آخر السورة الكريمة، وأيضا ما قدر هنا لكل واحد من الأخ والأخت، وللأكثر