تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣ - الصفحة ١١٤
على هذا - وأيد أيضا بأن وقوع خلف حرف النداء بين الموصوف والصفة كوقوع حرف النداء بينهما فلو جاز الوصف لكان مكان الخلف بعده.
* (تؤتي الملك من تشاء) * جملة مستأنفة مبينة لبعض وجوه التصرف الذي يستدعيه مالكية الملك وجوز جعلها حالا من المنادى وفي انتصاب الحال عنه خلاف، وصحح الجواز لأنه مفعول به، والحال تأتي منه كما تأتي من الفاعل، وجعل الجملة خبرا لمبتدأ محذوف أي أنت تؤتى - وأن اختاره أبو البقاء - ليس فيه كثير نفع * (وتنزع الملك ممن تشاء) * عطف على * (تؤتي) * وحكمه حكمه، ومفعول * (تشاء) * في الموضعين محذوف أي من تشاء إيتاءه إياه وممن تشاء نزعه منه، و (الملك) الثالث هو الثاني واللام فيهما للجنس أو العهد وليسا هما عين الأول لأن الأول عند المحققين حقيقي عام ومملوكيته حقيقية والآخران مجازيان خاصان ونسبتهما إلى صاحبهما مجازية، واعتبر بعضهم في التفرقة كون المراد من الأول الجميع ومن الآخرين البعض ضرورة أن المؤتى لا يمكن أن يكون الجميع والمنزوع هو ذاك لأنه معرفة معادة، ويراد بها إن لم يمنع مانع عين الأول ولأنه إذا لم يمكن إيتاء الكل لم يمكن نزع الكل لأن الثاني مسبوق بالأول. ومن الناس من حمل (الملك) هنا على النبوة ومعنى نزعها هنا نقلها من قوم إلى قوم أي تؤتى النبوة بني إسرائيل وتنقلها منهم إلى العرب، وقيل: المعنى تعطي أسباب الدنيا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته وتسلبها من الروم وفارس فلا تقوم الساعة حتى تفتح بلادهم ويملك ما في أيديهم المسلمون، وروي ذلك عن الكلبي، وقيل: تنزعه من صناديد قريش.
* (وتعز من تشاء) * أن تعزه في الدنيا والآخرة أو فيهما بالنصر والتوفيق * (وتذل من تشاء) * أن تذله في إحداهما أو فيهما من غير ممانعة الغير، وقيل: المراد تعز محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأن تدخلهم مكة ظاهرين وتذل أبا جهل وأضغاث الشرك بالقتل والإلقاء في القليب، وقال عطاء: تعز المهاجرين والأنصار وتذل فارس والورم، وقيل: تعز المؤمنين بالظفر والغنيمة وتذل اليهود بالقتل والجزية، وقيل: تعز بالإخلاص وتذل بالرياء، وقيل: تعز الأحباب بالجنة والرؤية وتذل الأعداء بالنار والحجاب؛ وقيل: تعز بالقناعة والرضا وتذل بالحرص والطمع وقيل وقيل. وينبغي حمل سائر الأقوال على التمثيل لأنه لا مخصص في الآية، و * (تعز) * مضارع أعز ضد أذل، والمجرد من الهمزة منه - عز - ومضارعه يعز بكسر العين، ومنه ما في دعاء قنوت الشافعية، وله استعمالان آخران الضم والفتح، وقد نظم ذلك الإمام السيوطي بقوله: يا قارئا كتب الآداب كن يقظا * وحرر الفرق في الأفعال تحريرا (عز) المضاعف يأتي في مضارعه * تثليث عين بفرق جاء مشهورا فما كقل وضد (الذل) مع عظم * كذا كرمت علينا جاء مكسورا وما - كعز - علينا الحال أي صعبت * فافتح مضارعه إن كنت نحريرا وهذه الخمسة الأفعال لازمة * واضمم مضارع فعل ليس مقصورا (عززت) زيدا بمعنى قد غلبت كذا * أعنته فكلا ذا جاء مأثورا وقيل: إذا كنت في ذكر القنوت ولا * (يعز) يا رب من عاديت مكسورا واشكر لأهل علوم الشرع إذ شرحوا * لك الصواب وأبدوا فيه تذكيرا * (بيدك الخير) * جملة مستأنفة، وأجراها بعضهم على طرز ما قبلها، وتعريف الخير للتعميم وتقديم الخبر
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»