تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن " وأخرج وكيع وجماعة عن أنس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: " إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين المرأة لي، لأن الله تعالى يقول: * (ولهن) * الآية، وجعلوا ما يجب لهن عدم العجلة إذا جامع حتى تقضي حاجتها. والمجرور الأخير متعلق بما تعلق به الخبر، وقيل: صفة ل‍ * (مثل) * وهي لا تتعرف بالإضافة * (وللرجال عليهن درجة) * زيادة في الحق لأن حقوقهم في أنفسهن، فقد ورد أن النكاح كالرق أو شرف فضيلة لأنهم قوام عليهن وحراس لهن، يشاركوهن في غرض الزواج من التلذذ وانتظام مصالح المعاش، ويخصون بشرف يحصل لهم لأجل الرعاية والإنفاق عليهن. - والدرجة - في الأصل - المرقاة - ويقال فيها: (درجة) كهمزة وقال الراغب: - الدرجة - نحو المنزلة لكن تقال إذا اعتبرت بالصعود دون الامتداد على البسيط - كدرجة السطح والسلم - ويعبر بها عن المنزلة الرفيعة، ومنه الآية فهي على التوجيهين مجاز. وفي " الكشف ": إن أصل التركيب لمعنى الأناة والتقارب على مهل من - درج الصبي إذا حبا - وكذلك الشيخ والمفيد لتقارب خطوهما - والدرجة - التي يرتقي عليها لأن الصعود ليس في السهولة كالانحدار والمشيء على مستو، فلا بد من تدرج - والدرج - المواضع التي يمر عليها السيل شيئا فشيئا، ومنه التدرج في الأمور، والاستدراج من الله، والدركة هي الدرجة بعينها لكن في الانحدار - والرجال - جمع رجل، وأصل الباب القوة والغلبة وأتى بالمظهر بدل المضمر للتنويه بذكر - الرجولية - التي بها ظهرت المزية للرجال على النساء * (والله عزيز) * غالب لا يعجزه الانتقام ممن خالف الأحكام * (حكيم) * عالم بعواقب الأمور والمصالح التي شرع ما شرع لها، والجملة تذييل للترهيب والترغيب.
* (الطل‍اق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحس‍ان ولا يحل لكم أن تأخذوا ممآ ءاتيتموهن شيئا إلا أن يخافآ ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأول‍ائك هم الظ‍المون) * * (الطل‍اق مرتان) * إشارة إلى الطلاق المفهوم من قوله تعالى: * (وبعولتهن أحق بردهن) * (البقرة: 228) وهو الرجعي وهو بمعنى التطليق الذي هو فعل الرجل - كالسلام بمعنى التسليم - لأنه الموصوف بالوحدة والتعدد دون ما هو وصف المرأة، ويؤيد ذلك ذكر ما هو من فعل الرجل أيضا بقوله تعالى: * (فإمساك بمعروف) * أي بالرجعة وحسن المعاشرة * (أو تسريح بإحس‍ان) * أي إطلاق مصاحب له من جبر الخاطر وأداء الحقوق، وذلك إما بأن لا يراجعها حتى تبين، أو يطلقها الثالثة - وهو المأثور - فقد أخرج أبو داود وجماعة عن أبي رزين الأسدي أن رجلا قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أسمع الله تعالى يقول: * (الطلاق مرتان) * فأين الثالث؟ فقال: " التسريح بإحسان هو الثالثة " وهذا يدل على أن معنى (مرتان) اثنتان، ويؤيد العهد - كالفاء - في الشق الأول فإن ظاهرها التعقيب بلا مهلة، وحكم الشيء يعقبه بلا فصل، وهذا هو الذي حمل عليه الشافعية الآية، ولعله أليق بالنظم حيث قد انجر ذكر اليمين إلى ذكر الإيلاء الذي هو طلاق، ثم انجر ذلك إلى ذكر حكم المطلقات من العدة والرجعة، ثم انجر ذلك إلى ذكر أحكام الطلاق المعقب للرجعة، ثم انجر ذلك إلى بيان الخلع والطلاق الثلاثة - وأوفق بسبب النزول - فقد أخرج مالك، والشافعي، والترمذي رضي الله تعالى عنهما وغيرهم عن عروة قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 139 140 141 ... » »»