تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
أو المفعول له على أن يكون المعنى بسبب من الأسباب إلا بسبب الخوف جاز تغيير الكلام من الخطاب إلى الغيبة لنكتة وهي أن لا يخاطب مؤمن بالخوف من عدم إقامة حدود الله، وقرىء * (تخافا) * و * (تقيما) * بتاء الخطاب وعليها يهون الأمر فإن في ذلك حينئذ تغليب المخاطبين على الزوجات الغائبات، والتعبير بالتثنية باعتبار الفريقين، وقرأ حمزة ويعقوب * (يخافا) * على البناء للمفعول وإبدار * (أن) * بصلته من - ألف الضمير - بدل اشتمال كقولك: خيف زيد تركه حدود الله ويعضده قراءة عبد الله * (إلا أن تخافوا) * وقال ابن عطية: عدى (خاف) إلى مفعولين أحدهما أسند إليه الفعل، والآخر: بتقدير حرف جر محذوف فموضع * (أن) * جر بالجار المقدر، أو نصب على اختلاف الرأيين ورده في " البحر " بأنه لم يذكره النحويون حين عدوا ما يتعدى إلى اثنين، وأصل أحدهما: بحرف الجر، وفي قراءة أبي * (إلا أن يظنا) * وهو يؤيد تفسير - الظن بالخوف - * (فإن خفتم) * خطاب للحكام لا غير لئلا يلزم تغيير الأسلوب قبل مضي الجملة * (ألا يقيما حدود الله) * التي حدها لهم. * (فلا جناح عليهما) * أي الزوجين، وهذا قائم مقام الجواب أي فمروهما فإنه لا جناح * (فيما افتدت به) * نفسها واختلعت لا على الزوج في أخذه ولا عليها في إعطائه إياه، أخرج ابن جرير عن عكرمة أنه سئل هل كان للخلع أصل؟ قال: كان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: إن أول خلع كان في الإسلام في أخت عبد الله بن أبي امرأة ثابت بن قيس: " أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها قال زوجها: يا رسول الله إني أعطيتها أفضل مالي حديقة لي فإن ردت علي حديقتي قال: ما تقولين؟ قالت: نعم وإن شاء زدته قال: ففرق بينهما " وفي رواية البخاري: - أن المرأة اسمها جميلة وأنها بنت عبد الله المنافق - وهو الذي رجحه الحفاظ وكون اسمها زينب جاء من طريق الدارقطني قال الحافظ ابن حجر: فلعل لها اسمين أو أحدهما لقب وإلا فجميلة أصح، وقد وقع في حديث آخر أخرجه مالك، والشافعي، وأبو داود أن اسم امرأة ثابت حبيبة بنت سهل، قال الحافظ: والذي يظهر أنهما قضيتان وقعتا له في امرأتين لشهرة الحديثين وصحة الطريقين واختلاف السياقين * (تلك حدود الله) * إشارة إلى ما حد من الأحكام من قوله سبحانه: * (الطلاق مرتان) * إلى هنا فالجملة فذلكة لذلك أوردت لترتيب النهي عليها * (فلا تعتدوها) * بالمخالفة والرفض * (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظ‍المون) *. تذييل للمبالغة في التهديد والواو للاعتراض وفي إيقاع الظاهر موقع المضمر ما لا يخفى من إدخال الروعة وتربية المهابة، وظاهر الآية يدل على أن الخلع لا يجوز من غير كراهة وشقاق لأن نفي الحل الذي هو حكم العقد في جميع الأحوال إلا حال الشقاق يدل على فساد العقد وعدم جوازه ظاهرا إلا أن يدل الدليل على خلاف الظاهر، وعلى أنه لا يجوز أن يكون بجميع ما ساق الزوج إليها فضلا عن الزائد لأن - من - في * (مما آتيتموهن) * تبعيضية فيكون مفاد الاستثناء حل أخذ شيء مما آتيتموهن حين الخوف، وأما كلمة (ما) في قوله سبحانه: * (فيما افتدت) * فليست ظاهرة في العموم حتى ينافي ظهور الآية في الحكم المذكور بل فاء التفسير في * (فإن خفتم) * يدل ظاهرا على أنه بيان للحكم المفهوم بطريق المخالفة عن الاستثناء، وفائدته التنصيص على الحكم ونفي الجناح في هذا العقد فإن ثبوت الحل المستفاد من الاستثناء قد يجامع الجناح بأن يكون مع الكراهة، نعم تحتمل العموم فلا تكون نصا في عدم جواز
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»