بها، وأشار ب * (أولئك) * إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة للإشعار بتميز * (أولئك) * بذلك الوصف تميزا مصححا للإشارة الحسية مع الإيذان ببعد منزلتهم فيه وهو مبتدأ خبره أصحابه وهو جمع صاحب، وجمع فاعل على أفعال شاذ كما في " البحر "، ومعنى الصحبة الاقتران بالشيء، والغالب في العرب أن تطلق على الملازمة، وهذه الجملة خبر عن الذين، ويحتمل أن يكون اسم الإشارة بدلا منه أو عطف بيان، والأصحاب خبره، والجملة الاسمية بعد في حيز النصب على الحالية لورود التصريح في قوله تعالى: * (أولئك أصحاب النار خالدين فيها) * (التغابن: 10) وجوز كونها حالا من النار لاشتمالها على ضميرها، والعامل معنى الإضافة أو اللام المقدرة، أو في حيز الرفع على أنها خبر آخر - لأولئك - على رأي من يرى ذلك، قال أبو حيان: ويحتمل أن تكون مفسرة لما أبهم في * (أصحاب النار) * مبينة أن هذه الصحبة لا يراد منها مطلق الاقتران بل الخلود، فلا يكون لهذا إذ ذاك محل من الإعراب، والخلود هنا الدوام على ما انعقد عليه الإجماع، ومن البديع ما ذكره بعضهم أن في الآيتين نوعا منه، يقال له الاحتباك، ويا حبذاه لولاه الكناية المغنية عما هناك.
* (يابنىإسراءيل اذكروا نعمتي التىأنعمت عليكم وأوفوا بعهدىأوف بعهدكم وإياى فارهبون) * * (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) * خطاب لطائفة خاصة من الكفرة المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم بعد الخطاب العام، وإقامة دلائل التوحيد والنبوة والمعاد والتذكير بصنوف الانعام، وجعله سبحانه بعد قصة آدم، لأن هؤلاء بعد ما أوتوا من البيان الواضح والدليل اللائح، وأمروا ونهوا وحرضوا على اتباع - النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم - ظهر منهم ضد ذلك، فخرجوا عن جنة الإيمان الرفيعة، وهبطوا إلى أرض الطبيعة، وتعرضت لهم الكلمات - إلا أنهم لم يتلقوها بالقبول - ففات منهم ما فات، وأقبل عليهم بالنداء ليحركهم لسماع ما يرد من الأوامر والنواهي. و (بني) جمع ابن شبيه بجمع التكسير لتغير مفرده، ولذا ألحق في فعله تاء التأنيث - كقالت بنو عامر - وهو مختص بالأولاد الذكور، وإذا أضيف عم في العرف - الذكور والإناث - فيكون بمعنى الأولاد - وهو المراد هنا - وذكر الساليكوتي أنه حقيقة في الأبناء الصلبية - كما بين في الأصول - واستعماله في العام مجاز، وهو محذوف اللام، وفي كونها - ياء أو واوا - خلاف، فذهب إلى الأول ابن درستويه وجعله من البناء، لأن الابن فرع الأب ومبني عليه، ولهذا ينسب المصنوع إلى صانعه، فيقال للقصيدة مثلا: بنت الفكر، وقد أطلق في شريعة من قبلنا على بعض المخلوقين - أبناء الله تعالى - بهذا المعنى، لكن لما تصور من هذا الجهلة الأغبياء - معنى الولادة - حظر ذلك حتى صار التفوه به كفرا، وذهب إلى الثاني الأخفش، وأيده بأنهم قالوا: البنوة، وبأن حذف - الواو - أكثر، وقد حذفت في - أب وأخ - وبه قال الجوهري ولعل الأول أصح، ولا دلالة في البنوة لأنهم قالوا أيضا: الفتوة، ولا خلاف في أنها من ذوات - الياء - وأمر الأكثرية سهل، وعلى التقديرين في وزن - ابن - هل هو فعل أو فعل؟ خلاف؛ و (إسرائيل) اسم أعجمي، وقد ذكروا أنه مركب من - إيل - اسم من أسمائه تعالى، و (إسرا) وهو العبد، أو الصفوة أو الإنسان أو المهاجر - وهو لقب سيدنا يعقوب عليه السلام - وللعرب فيه تصرفات، فقد قالوا: إسرائيل بهمزة بعد الألف وياء بعدها - وبه قرأ الجمهور - وإسراييل - بياءين بعد الألف - وبه قرأ أبو جعفر وغيره - وإسرائل - بهمزة ولام، وهو مروي عن ورش - وإسرأل - بهمزة مفتوحة ومكسورة بعد الراء، ولام - وإسرأل - بألف ممالة - بعدها لام خفيفة - وبها ولا إمالة - وهي رواية عن نافع - وقراءة الحسن وغيره و (إسرائين)