تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ١٣٦
* قالت ولم تقصد لقيل الخنا * مهلا لقد أبلغت أسماعي * والقول بأنه وحدة للأمن عن اللبس كما في قوله * كلوا في بعض بطنكم تعفوا * فان زمانكم زمن خميص * ولأنه في الأصل مصدر والمصادر لا تجمع فروعي ذلك ليس بشيء لأن ما ذكر مصحح لا مرجح وأدنى من هذا عندي تقدير مضاف مثل وحواس سمعهم وقد اتفق القراء على الوقف على سمعهم وظاهره دليل على أنه لا تعلق له بما بعده فهو معطوف على * (على قلوبهم) * وهذا أولى من كونه هو وما عطف عليه خبرا مقدما لغشاوة أو عاملان فيه على التنازع وإن احتملته الآية لتعين نظيره في قوله تعالى * (وختم على سمعه وقلبه) * والقرآن يفسر بعضه بعضا ولأن السمع كالقلب يدرك ما يدركه من جميع الجهات فناسب أن يقرن معه بالختم الذي يمنع من جميعها وإن اختص وقوعه بجانب إلا أنه لا يتعين ولما كان إدراك البصر لا يكون عادة إلا بالمحاذاة والمقابلة جعل المانع ما يمنع منها وهو الغشاوة أنها في الغالب كذلك كغاشية السرج ومثل هذا يكفي في النكات ولا يضره ستره لجميع الجوانب كالازار وما في الكشف من أن الوجه أن الغشاوة مشهورة في أمراض العين فهي أنسب بالبصر من غير حاجة لما تكلفوه يكشف عن حاله النظر في المعنى اللغوي ممن لا غشاوة على بصره ولعل سبب تقديم السمع على البصر مشاركته للقلب في التصرف في الجهات الست مثله دون البصر ومن هنا قيل إنه أفضل منه والحق أن كلا من الحوا ضروري في موضعه ومن فقد حسا فقد علما وتفضيل البعض على البعض تطويل من غير طائل وقد قرئ بامالة أبصارهم ووجه الإمالة مع أن الصاد حرف مستعل وهو مناف لها لاقتضائها لتسفل الصوت مناسبة الكسرة واعتبرت على الراء دون غيرها لمناسبة الامالة الترقيق والمشهور عند أهل العربية أن ذلك لقوة الراء لئلا يقع التقرير فانه مضر في الأداء حتى سمعت من بعض الشافعية أن من كرر الراء في تكبيرة الاحرام لم تنعقد صلاته والعهدة على الراوي والجمهور على أن * (وعلى أبصارهم) * خبر مقدم لغشاوة والتقديم مصحح لجواز الابتداء بالنكرة مع أن فيه مطابقة الجملة قبله لأنه تقدم الجزء المحكوم به فيها وهذا كذلك ففي الآية جملتان خبريتان فعلية دالة على التجدد واسمية دالة على الثبوت حتى كأن الغشاوة جبلية فيهم وكون الجملتين دعائيتين ليس بشيء وفي تقديم الفعلية إشارة إلى أن ذلك قد وقع وفرغ منه ونصب المفضل وأبو حيوة وإسماعيل بن مسلم * (غشاوة) * وقيل إنه على حذف الجار وقال أبو حيان يحتمل أن يكون مصدرا من معنى ختم لأن معناه غشى وستر كأنه قيل تغشية على سبيل التأكيد فيكون حينئذ قلوبهم وسمعهم وأبصارهم مختوما عليها مغشاة وقيل يحتمل أن يكون مفعول ختم والظروف أحوال أي ختم عشاوة كائنة على هذه الأمور لئلا يتصرف بها بالرفع والازالة وفي كل ما لا يخفى فقراءة الرفع أولى وقرئ أيضا بضم الغين ورفعه وبفتح الغين ونصبه وقرئ غشوة بكسر المعجمة مرفوعا وبفتحها مفوعا ومنصوبا وغشية بالفتح والرفع وغشاوة بفتح المهملة والرفع وجوز فيه الكسر والنصب من الغشا
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»