اهبطوا بعضكم لبعض عدو * واخرج ابن المنذر عن أبي غنيم سعيد بن حدين الحضرمي قال لما أسكن الله آدم وحواء الجنة خرج آدم يطوف في الجنة فاغتنم إبليس غيبته فاقبل حتى بلغ المكان الذي فيه حواء فصفر بقصبة معه صفيرا سمعته حواء وبينها وبينه سبعون قبة بعضها في جوف بعض فأشرفت حواء عليه فجعل يصفر صفيرا لم يسمع السامعون بمثله من اللذة والشهوة والسماع حتى ما بقى من حواء عضو مع آخر الا تخلج فقالت أنشدك بالله العظيم لما أقصرت عنى فإنك قد أهلكتني فنزع القصبة ثم قلبها فصفر صفيرا آخر فجاش البكاء والنوح والحزن بشئ لم يسمع السامعون بمثله حتى قطع فؤادها بالحزن والبكاء فقالت أنشدك بالله العظيم لما أقصرت عنى ففعل فقالت له ما هذا الذي جئت به أخذتني بأمر الفرح وأخذتني بأمر الحزن قال ذكرت منزلتكما من الجنة وكرامة الله إياكما ففرحت لكما بمكانكما وذكرت إنكما تخرجان منها فبكيت لكما وحزنت عليكما ألم يقل لكما ربكما متى تأكلان من هذه الشجرة تموتان وتخرجان منها انظري إلى يا حواء فإذا أنا أكلتها فان أنامت أو تغير من خلقي شئ فلا تأكلا منها أقسم لكما بالله انى لكما لمن الناصحين فانطلق إبليس حتى تناول من تلك الشجرة فاكل منها وجعل يقول يا حواء انظري هل تغير من خلقي شئ أم هل مت قد أخبرتك ما أخبرتك ثم أدبر منطلقا وأقبل آدم من مكانه الذي كان يطوف به من الجنة فوجدها منكبة على وجهها حزينة فقال لها آدم ما شأنك قالت أتاني الناصح المشفق قال ويحك لعله إبليس الذي حذرناه الله قالت يا آدم والله لقد مضى إلى الشجرة فاكل منها وأنا أنظر فما مات ولا تغير من جسده شئ فلم تزل به تدليه بالغرور حتى مضى آدم وحواء إلى الشجرة فأهوى آدم بيده إلى الثمرة ليأخذها فناداه جميع شجر الجنة يا آدم لا تأكلها فإنك ان أكلتها تخرج منها فعزم آدم على المعصية فاخذ ليتناول الشجرة فجعلت الشجرة تتطاول ثم جعل يمد يده ليأخذها فلما وضع يده على الثمرة اشتدت فلما رأى الله منه العزم على المعصية أخذها وأكل منها وناول حواء فأكلت فسقط منها لباس الجمال الذي كان عليها في الجنة وبدت لهما سوآتهما وابتدرا يستكنان بورق الجنة يخصفان عليهما من ورق الجنة ويعلم الله ينظر إليهما فاقبل الرب في الجنة فقال يا آدم أين أنت أخرج قال يا رب أنا ذا أستحي أخرج إليك قال فلعلك أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها قال يا رب هذه التي جعلتها معي أغوتني قال فمني تختبئ يا آدم أو لم تعلم أن كل شئ لي يا آدم وانه لا يخفى على شئ في ظلمة ولا في نهار قال فبعث إليهما ملائكة يدفعان في رقابهما حتى أخرجوهما من الجنة فأوقفا عريانين إبليس معهما بين يدي الله فعند ذلك قضى عليهما وعلى إبليس ما قضى وعند ذلك أهبط إبليس معهما وتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه وأهبطوا جميعا * وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن وهب بن منبه في قوله ليبدي لهما ما ورى عنهما من سوآتهما قال كان على كل واحد منهما نور لا يبصر كل واحد منهما عورة صاحبه فلما أصابا الخطيئة نزع منهما * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى في الآية قال ليهتك لباسهما وكان قد علم أن لهما سوأة لما كان يقرأ من كتب الملائكة ولم يكن آدم يعلم ذلك وكان لباسهما الظفر * وأخرج عبد ابن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال أتاهما إبليس قال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا أن تكونا ملكين تكونا مثله يعنى مثل الله عز وجل فلم يصدقاه حتى دخل في جوف الحية فكلمهما * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس انه كان يقرأ الا أن تكونا ملكين بكسر اللام * وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد انه كان يقرأ الا أن تكونا ملكين بنصب اللام من الملائكة * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله الا أن تكونا ملكين قال ذكر تفضيل الملائكة فضلوا بالصور وفضلوا بالأجنحة وفضلوا بالكرامة * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال إن في الجنة شجرة لها غصنان أحدهما تطوف به الملائكة والآخر 7 قوله ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا أن تكونا ملكين يعنى من الملائكة الذين يطوفون بذلك الغصن * وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس انه كان يقرأ هذه الآية ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا أن تكونا ملكين فان أخطأكما أن تكونا ملكين لم يخطكما أن تكونا خالدين فلا تموتان فيها أبدا وقاسمهما قال حلف لهما انى لكما لمن الناصحين * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى في قوله أو تكونا من الخالدين يقول لا تموتون أبدا وفى قوله وقاسمهما قال حلف لهما بالله
(٧٤)