الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٨
تعالى (يا أيها النبي جاهد الكفار) الآية * أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله يا أيها النبي جاهد الكفار قال بالسيف والمنافقين قال باللسان وأغلظ عليهم قال اذهب الرفق عنهم * وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في كتاب الامر بالمعروف وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن مسعود في قوله جاهد الكفار والمنافقين قال بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وليلقه بوجه مكفهر * وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود قال لما نزلت يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجاهد بيده فان لم يستطع فبقلبه فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فليلقه بوجه مكفهر * وأخرج أبو الشيخ عن السدى في قوله جاهد الكفار قال بالسيف والمنافقين بالقول باللسان وأغلظ عليهم قال على الفريقين جميعا ثم نسخها فأنزل بعدها قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في الآية قال أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يجاهد الكفار بالسيف ويغلظ على المنافقين في الحدود * قوله تعالى (يحلفون بالله ما قالوا) الآية * أخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن كعب بن مالك قال لما نزل القرآن فيه ذكر المنافقين قال الجلاس والله لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير فسمعه عمير بن سعد فقال والله يا جلاس انك لأحب الناس إلى وأحسنهم عندي أشرا وأعزهم على أن يدخل عليه شئ يكرهه ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك ولئن سكت عنها لتهلكني ولأحدهما أشد على من الأخرى فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال فأتى الجلاس فجعل يحلف بالله ما قال ولقد كذب على عمير فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر الآية * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كان الجلاس بن سويد بن الصامت ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وقال لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير فرفع عمير بن سعد مقالته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف الجلاس بالله لقد كذب على وما قلت فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا الآية فزعموا أنه تاب وحسنت توبته * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمع زيد بن أرقم رضي الله عنه رجلا من المنافقين يقول والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب ان كان هذا صادقا لنحن شر من الحمير فقال زيد رضي الله عنه هو والله صادق ولأنت شر من الحمار فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجحد القائل فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا الآية فكانت الآية في تصديق زيد * وأخرج ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل شجرة فقال إنه سيأتيكم انسان ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاء فلا تكلموه فلم يلبثوا ان طلع رجل أزرق فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علام تشتمني أنت وأصحابك فانطلق الرجل فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم وأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا الآية * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال ذكر لنا ان رجلين اقتتلا أحدهما من جهينة والآخر من غفار وكانت جهينة حلفاء الأنصار فظهر الغفاري على الجهني فقال عبد الله بن أبي للأوس انصروا أخاكم والله ما مثلنا ومثل محمد الا كما قال القائل سمن كلبك يأكلك والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فسعى بها رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فسأله فجعل يحلف بالله ما قاله فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر الآية * وأخرج ابن حرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر قال نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول * وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عروة ان رجلا من الأنصار يقال له الجلاس بن سويد قال ليلة في غزوة تبوك والله لئن كان ما يقول محمد حقا لنحن شر من الحمير فسمعه غلام يقال له عمير بن سعد وكان ربيبه فقال له أي عم تب إلى الله وجاء الغلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فجعل يحلف ويقول والله ما قلت يا رسول الله فقال الغلام بلى والله لقد قلته فتب إلى الله ولولا أن ينزل القرآن فيجعلني معك ما قلته فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسكتوا فلا يتحركون إذا نزل الوحي فرفع عن النبي صلى الله
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست