الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ١٤٥
الصبح فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب قلت نعم يا رسول الله انى احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت ان اغتسلت ان أهلك وذكرت قول الله ولا تقتلوا أنفسكم فتيممت ثم صليت فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا * وأخرج الطبراني عن ابن عباس ان عمرو بن العاصي صلى بالناس وهو جنب فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فدعاه فسأله عن ذلك فقال يا رسول الله خشيت أن يقتلني البرد وقد قال الله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم * وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر عن عاصم بن بهدلة ان مسروقا أتى صفين فقام بين الصفين فقال يا أيها الناس انصتوا أرأيتم لوان مناديا ناداكم من السماء فرأيتموه وسمعتم كلامه فقال إن الله ينهاكم عما أنتم فيه أكنتم منتهين قالوا سبحان الله قال فوالله لقد نزل بذلك جبريل على محمد وما ذاك بأبين عندي منه ان الله قال ولا تقتلوا أنفكسم ان الله كان بكم رحيما ثم رجع إلى الكوفة * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ومن يفعل ذلك يعنى الأموال والدماء جميعا عدوانا وظلما يعنى متعمدا اعتداء بغير حق وكان ذلك على الله يسيرا يقول كان عذابه على الله هينا * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال قلت لعطاء أرأيت قوله تعالى ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا في كل ذلك أم في قوله ولا تقتلوا أنفسكم قال بل في قوله ولا تقتلوا أنفسكم * قوله تعالى (ان تجتنبوا) الآية * أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال إن في سورة النساء خمس آيات ما يسرني ان لي بها الدنيا وما فيها ولقد علمت أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها قوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية وقوله ان الله لا يظلم مثقال ذرة الآية وقوله ان الله لا يغفر ان يشرك به الآية وقوله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك الآية وقوله ومن يعمل سوأ أو يظلم نفسه الآية * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن أنس ابن مالك قال لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا عز وجل ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر فما لنا ولها يقول الله ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم وندخلكم مدخلا كريما * وأخرج عبد بن حميد عن انس بن مالك قال هان ما سألكم ربكم ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم * وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أنس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ألا ان شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ثم تلا هذه الآية ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم الآية * وأخرج النسائي وابن ماجة وابن جرير وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة وأبى سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ثم قال والذي نفسي بيده ما من عبد يصلى الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويؤدى الزكاة ويجتنب الكبائر السبع الا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى أنها لتصطفق ثم تلا ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية * وأخرج ابن المنذر عن أنس قال مالكم والكبائر وقد وعدتم المغفرة فيما دون الكبائر * وأخرج ابن جرير بسند حسن عن الحسن ان ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر فقالوا نرى أشياء من كتاب الله أمران يعمل بها لا يعمل بها فأردنا ان نلقى أمير المؤمنين في ذلك فقدم وقدموا معه فلقى عمر فقال يا أمير المؤمنين ان ناسا لقوني بمصر فقالوا انا نرى أشياء من كتاب الله أمر ان يعمل بها لا يعمل بها فأحبوا أن يلقوك في ذلك فقال اجمعهم لي فجمعهم له فاخذ أدناهم رجلا فقال أنشدك بالله وبحق الاسلام عليك أقرأت القرآن كله قال نعم قال فهل أحصيته في نفسك قال لا قال فهل أحصيته في بصرك هل أحصيته في لفظك هل أحصيته في أثرك ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم قال فثكلت عمر أمه أتكلفونه على أن يقيم الناس على كتاب الله قد علم ربنا انه ستكون لنا سيئات وتلا أن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم وندخلكم مدخلا كريما هل علم أهل المدينة فيما قدمتم قال لا قال لو عملوا لو عظت بكم * وأخرج ابن جرير عن قتادة قال انما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا الكبائر وسددوا وابشروا * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة