الله بشرا رسولا) فهذا حصر آخر في غيرهما وأجاب ابن عبد السلام بأن معنى الآية الأولى (وما منع الناس أن يؤمنوا إلا إرادة أن تأتيهم سنة الأولين من الخسف أو غيره أو يأتيهم العذاب قبلا في الآخرة) فأخبر أنه أراد أن يصيبهم أحد الأمرين ولا شك أن إرادة الله مانعة من وقوع ما ينافي المراد فهذا حصر في السبب الحقيقي لأن الله هو المانع في الحقيقة ومعنى الآية الثانية (وما منع الناس أن يؤمنوا إلا استغراب بعثه بشرا رسولا) لأن قولهم ليس مانعا من الإيمان لأنه لا يصلح لذلك وهو يدل على الاستغراب بالالتزام وهو المناسب للمانعية واستغرابهم ليس مانعا حقيقيا بل عاديا لجواز وجود الإيمان معه بخلاف إرادة الله تعالى فهذا حصر في المانع العادي والأول حصر في المانع الحقيقي فلا تنافى أيضا 4171 ومما استشكل أيضا قوله تعالى * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * * (فمن أظلم ممن كذب على الله) * مع قوله * (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه) * * (ومن أظلم ممن منع مساجد الله) * إلى غير ذلك من الآيات ووجهه أن المراد بالاستفهام هنا النفي والمعنى (لا أحد أظلم) فيكون خبرا وإذا كان خبرا وأخذت الآيات على ظواهرها أدى إلى لتناقص وأجيب بأوجه منها تخصيص كل موضع بمعنى صلته أي لا أحد من المعاندين أظلم ممن منع مساجد الله ولا أحد من المفترين أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذا تخصص بالصلات زال التناقض ومنها أن التخصيص بالنسبة إلى السبق لما لم يسبق أحد إلى مثله حكم عليهم بأنهم أظلم ممن جاء بعدهم سالكا طريقهم وهذا يؤول معناه إلى ما قبله لأن المراد السبق إلى المانعية والإفترائية ومنها وادعى أبو حيان أنه الصواب أن نفي الأظلمية لا يستدعي نفي
(٧٩)