الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٧٧
ومرة * (من صلصال كالفخار) * فهذه ألفاظ مختلفة ومعانيها في أحوال مختلفة لأن الصلصال غير الحمإ والحمأ غيرالتراب إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر وهو التراب ومن التراب تدرجت هذه الأحوال 4161 وكقوله * (فإذا هي ثعبان) * وفي موضع * (تهتز كأنها جان) * والجان الصغير من الحيات والثعبان الكبير منها وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته 4162 الثاني لاختلاف الموضوع كقوله * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * وقوله * (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين) * مع قوله * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) * قال الحليمي فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل والثانية على ما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه وحمله غيره على إختلاف الأماكن لأن في القيامة مواقف كثيرة ففي موضع يسألون وفي آخر لا يسألون وقيل إن السؤال المثبت سؤال تبكيت وتوبيخ والمنفى سؤال المعذرة وبيان الحجة 4163 وكقوله * (اتقوا الله حق تقاته) * مع قوله * (فاتقوا الله ما استطعتم) * حمل الشيخ أبو الحسن الشاذلي الآية الأولى على التوحيد بدليل قوله بعدها * (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * والثانية على الأعمال وقيل بل الثانية ناسخة للأولى وكقوله * (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) * مع قوله * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) * فالأولى تفهم إمكان العدل والثانية تنفيه والجواب أن الأولى في توفية الحقوق والثانية في الميل القلبي وليس في قدرة الإنسان
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»