الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٧
6353 وحكى ابن النقيب قولا خامسا إن ظهرها ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهر وبطنها ما تضمنته من الأسرار التي أطلع الله عليها أرباب الحقائق ومعنى قوله (ولكل حرف حد) أي منتهى فيما أراد الله من معناه وقيل لكل حكم مقدار من الثواب والعقاب ومعنى قوله (ولكل حد مطلع) لكل غامض من المعاني والأحكام مطلع يتوصل به إلى معرفته ويوقف على المراد به وقيل كل ما يستحقه من الثواب والعقاب يطلع عليه في الآخرة عند المجازاة وقال بعضهم الظاهر التلاوة والباطن الفهم والحد أحكام الحلال والحرام والمطلع الإشراف على الوعد والوعيد 6354 قلت يؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال إن القرآن ذو شجون وفنون وظهور وبطون لا تنقضي عجائبه ولا تبلغ غايته فمن أوغل فيه برفق نجا ومن أوغل فيه بعنف هوى أخبار وأمثال وحلال وحرام وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وظهر وبطن فظهره التلاوة وبطنه التأويل فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء 6355 وقال ابن سبع في شفاء الصدور ورد عن أبي الدرداء أنه قال لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يجعل للقرآن وجوها 6356 وقال ابن مسعود من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن 6357 قال وهذا الذي قالاه لا يحصل بمجرد تفسير الظاهر 6358 وقال بعض العلماء لكل آية ستون ألف فهم فهذا يدل على أن في فهم معاني القرآن مجالا رحبا ومتسعا بالغا وأن المنقول من ظاهر التفسير وليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير ليتقي به مواضع الغلط ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط ولا يجوز التهاون في حفظ الظاهر بل لا بد منه أولا إذ لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر ومن ادعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن ادعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب انتهى
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»