الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٤٧٦
وفيه دلالة ظاهرة على جواز الاستنباط والاجتهاد في كتاب الله تعالى 6308 وقال أبو الليث النهي إنما انصرف إلى المتشابه منه لا إلى جميعه كما قال تعالى * (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) * لأن القرآن إنما نزل حجة على الخلق فلو لم يجز التفسير لم تكن الحجة بالغة فإذا كان كذلك جاز لمن عرف لغات العرب وأسباب النزول أن يفسره وأما من لم يعرف وجوه اللغة فلا يجوز أن يفسره إلا بمقدار ما سمع فيكون ذلك على وجه الحكاية لا على وجه التفسير ولو أنه يعلم التفسير وأراد أن يستخرج من الآية حكما أو دليل الحكم فلا بأس به ولو قال المراد من الآية كذا من غير أن يسمع فيه شيئا فلا يحل وهو الذي نهى عنه 6309 وقال ابن الأنباري في الحديث الأول حمله بعض أهل العلم على أن الرأي معني به الهوى فمن قال في القرآن قولا يوافق هواه فلم يأخذه عن أئمة السلف وأصاب فقد أخطأ لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله ولا يقف على مذاهب أهل الأثر والنقل فيه 6310 وقال في الحديث الثاني له معنيان أحدهما من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله تعالى والآخر وهو الأصح من قال في القرآن قولا يعلم أن الحق غيره فليتبوأ مقعده من النار 6311 وقال البغوي والكواشي وغيرهما التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وبعدها تحتمله الآية غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط غير محظور على العلماء بالتفسير كقوله تعالى * (انفروا خفافا وثقالا) * قيل شبابا وشيوخا وقيل أغنياء وفقراء وقيل عزابا ومتأهلين وقيل نشاطا وغير نشاط وقيل أصحاء ومرضى وكل ذلك سائغ والآية تحتمله 6312 وأما التأويل المخالف للآية والشرع فمحظور لأنه تأويل الجاهلين مثل تأويل الروافض قوله تعالى * (مرج البحرين يلتقيان) * أنهما علي وفاطمة * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * يعني الحسن والحسين
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»