الثالث علوم علمها الله نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعليمها وهذا ينقسم إلى قسمين منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع وهو أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقراءات واللغات وقصص الأمم الماضية وأخبار ما هو كائن من الحوادث وأمور الحشر والمعاد ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستدلال والاستنباط والإستخراج من الألفاظ وهو قسمان قسم اختلفوا في جوازه وهو تأويل الآيات المتشابهات في الصفات وقسم اتفقوا عليه وهو استنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعرابية لأن مبناها على الأقيسة وكذلك فنون البلاغة وضروب المواعظ والحكم والإشارات لا يمتنع استنباطها منه واستخراجها لمن له أهلية إنتهى ملخصا 6340 وقال أبو حيان ذهب بعض من عاصرناه إلى أن علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني تركيبه بالإسناد إلى مجاهد وطاوس وعكرمة وأضرابهم وأن فهم الآيات يتوقف على ذلك قال وليس كذلك 6341 وقال الزركشي بعد حكاية ذلك الحق أن علم التفسير منه ما يتوقف على النقل كسبب النزول والنسخ وتعيين المبهم وتبيين المجمل ومنه مالا يتوقف ويكفي في تحصيله الثقة على الوجه المعتبر قال وكأن السبب في اصطلاح كثير على التفرقة بين التفسير والتأويل والتمييز بين المنقول والمستنبط ليحمل على الاعتماد في المنقول وعلى النظر في المستنبط قال واعلم أن القرآن قسمان قسم ورد تفسيره بالنقل وقسم لم يرد والأول إما أن يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو رؤوس التابعين فالأول يبحث فيه عن صحة السند والثاني ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم أو بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه وحينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة فإن أمكن الجمع فذاك وإن تعذر قدم ابن عباس لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بذلك حيث قال (اللهم علمه التأويل) وقد رجح الشافعي قول زيد في الفرائض لحديث (أفرضكم زيد) وأما ما ورد عن
(٤٨٣)