أن الأول لم يرد شموله لجميع الأفراد لا من جهة تناول اللفظ ولا من جهة الحكم بل هو ذو أفراد استعمل في فرد منها والثاني أريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لها لا من جهة الحكم 3971 ومنها أن الأول مجاز قطعا لنقل اللفظ عن موضوعه الأصلي بخلاف الثاني فإن فيه مذاهب أصحها أنه حقيقة وعليه أكثر الشافعية وكثير من الحنفية وجميع الحنابلة ونقله إمام الحرمين عن جميع الفقهاء 3972 وقال الشيخ أبو حامد إنه مذهب الشافعي وأصحابه وصححه السبكي لأن تناول اللفظ للبعض الباقي بعد التخصيص كتناوله له بلا تخصيص وذلك التناول حقيقي اتفاقا فليكن هذا التناول حقيقيا أيضا 3973 ومنها أن قرينة الأول عقلية والثاني لفظيه 3974 ومنها أن قرينة الأول لا تنفك عنه وقرينة الثاني قد تنفك عنه 3975 ومنها أن الأول يصح أن يراد به واحدا اتفاقا وفي الثاني خلاف 3976 ومن أمثلة المراد به الخصوص قوله تعالى * (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) * والقائل واحد نعيم بن مسعود الأشجعي أو أعرابي من خزاعة كما أخرجه ابن مردويه من حديث أبي رافع لقيامه مقام كثير في تثبيط المؤمنين عن ملاقاة أبي سفيان 3977 قال الفارسي ومما يقوي أن المراد به واحد قوله * (إنما ذلكم الشيطان) * فوقعت الإشارة بقوله (ذلكم) إلى واحد بعينه ولو كان المعنى جمعا لقال (إنما أولئكم الشيطان) فهذه دلالة ظاهرة في اللفظ 3978 ومنها قوله تعالى * (أم يحسدون الناس) * أي رسول الله صلى الله عليه وسلم لجمعه ما في الناس من الخصال الحميدة 3979 ومنها قوله * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) * أخرج ابن جرير من
(٤٣)