الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٠
آدم فمن بعده من الأنبياء ولما فيها من ذكر * (فلا يكن في صدرك حرج) * ولهذا قال بعضهم معنى (المص) * (ألم نشرح لك صدرك) * وزيد في الرعد راء لأجل قوله * (رفع السماوات) * ولأجل ذكر الرعد والبرق وغيرهما 5261 واعلم أن عادة القرآن العظيم في ذكر هذه الحروف أن يذكر بعدها ما يتعلق بالقرآن كقوله * (ألم ذلك الكتاب) * * (ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق) * * (المص كتاب أنزل إليك) * * (الر تلك آيات الكتاب) * * (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) * * (طسم تلك آيات الكتاب) * * (يس والقرآن) * * (ص والقرآن) * * (حم تنزيل الكتاب) * * (ق والقرآن) * إلا ثلاثت سور العنكبوت والروم ون ليس فيها ما يتعلق به وقد ذكرت حكمة ذلك في (أسرار التنزيل) 5262 وقال الحزاني في معنى حديث (أنزل القرآن على سبعة أحرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال) اعلم أن القرآن منزل عند انتهاء الخلق وكمال كل الأمر بدأ فكان المتحلي به جامعا لانتهاء كل خلق وكمال كل أمر فلذلك هو صلى الله عليه وسلم قسيم الكون وهو الجامع الكامل ولذلك كان خاتما وكتابه كذلك وبدأ المعاد من حين ظهوره فاستوفى صلاح هذه الجوامع الثلاث التي قد خلت في الأولين بداياتها وتمت عنده غاياتها (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وهي صلاح الدنيا والدين والمعاد التي جمعها قوله صلى الله عليه وسلم (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمرى وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي) وفي كل صلاح إقدام وإحجام فتصير الثلاثة الجوامع ستة هي حروف القرآن الستة ثم وهب حرفا جامعا سابعا فردا لا زوج له فتمت سبعة فأدنى تلك الحروف هو حرفا صلاح الدنيا فلها حرفان حرف الحرام الذي لا تصلح النفس والبدن إلا بالتطهر منه لبعده عن تقويمها والثاني حرف الحلال الذي تصلح النفس والبدن عليه لموافقته تقويمها وأصل هذين الحرفين في التوراة وتمامهما في القرآن ويلي ذلك حرفا صلاح المعاد أحدهما حرف الزجر والنهى الذي لا تصلح
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»