الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ١٤٧
والعبودبة والإحسان هو الإخلاص في واجبات العبودية لتفسيره في الحديث بقوله (أن تعبد الله كأنك تراه) أي تعبده مخلصا في نيتك وواقفا في الخضوع آخذا أهبة الحذر.. إلى ما لا يحصى * (وإيتاء ذي القربى) * هو الزيادة على الواجب من النوافل هذا في الأوامر وأما النواهي فبالفحشاء الإشارة إلى القوة الشهوانية وبالمنكر إلى الإفراط الحاصل من آثار الغضبية أو كل محرم شرعا وبالبغي إلى الاستعلاء الفائض عن الوهمية 4497 قلت ولهذا قال ابن مسعود ما في القرآن آية أجمع للخير والشر من هذه الآية أخرجه في المستدرك وروى البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن أنه قرأها يوما ثم وقف فقال إن الله جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئا إلا جمعه ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئا إلا جمعه 4498 وروى أيضا عن ابن أبي شهاب في معنى حديث الشيخين (بعثت بجوامع الكلم) قال بلغني أن جوامع الكلم أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين ونحو ذلك 4499 ومن ذلك قوله تعالى * (خذ العفو) * الآية فإنها جامعة لمكارم الأخلاق لأن في أخذ العفو التساهل والتسامح في الحقوق واللين والرفق في الدعاء إلى الدين وفي الأمر بالمعروف كف الأذى وغض البصر وما شاكلهما من المحرمات وفي الإعراض الصبر والحلم والتؤدة 4500 ومن بديع الإيجاز قوله تعالى * (قل هو الله أحد) * إلى آخرها فإنه نهاية التنزيه وقد تضمنت الرد على نحو أربعين فرقة كما أفرد ذلك بالتصنيف بهاء الدين بن شداد 4501 وقوله * (أخرج منها ماءها ومرعاها) * دل بهاتين الكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنام من العشب والشجر والحب والثمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح لأن النار من العيدان والملح من الماء
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»