خصوصه والثاني هو الإختصاص وأنه هو الأهم عند المتكلم وهو الذي قصد إفادته السامع من غير تعرض ولا قصد لغيره بإثبات ولا نفي ففي الحصر معنى زائد عليه وهو نفي ما عدا المذكور وإنما جاء هذا في * (إياك نعبد) * للعلم بأن قائليه لا يعبدون غير الله تعالى ولذا لم يطرد في بقية الآيات فإن قوله (أفغير دين الله يبغون) لو جعل في معنى (ما يبغون إلا غير دين الله) وهمزة الإنكار داخلة عليه لزم أن يكون المنكر الحصر لا مجرد بغيهم غير دين الله وليس المراد وكذلك * (آلهة دون الله تريدون) * المنكر إرادتهم آلهة دون الله من غير حصر وقد قال الزمخشري في * (وبالآخرة هم يوقنون) * في تقديم (الآخرة) وبناء (يوقنون) على (هم) تعريض بأهل الكتاب وما كانوا عليه من إثبات أمر الآخرة على خلاف حقيقته وأن قولهم ليس بصادر عن إيقان وأن اليقين ما عليه من آمن بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك 4483 وهذا الذي قاله الزمخشري في غاية الحسن وقد اعترض عليه بعضهم فقال تقديم (الآخرة) أفاد ان إيقانهم مقصور على أنه إيقان بالآخرة لا بغيرها وهذا الاعتراض من قائلة مبني على ما فهمه من أن تقديم المعمول يفيد الحصر وليس كذلك ثم قال المعترض وتقديم (هم) أفاد أن هذا القصر مختص بهم فيكون إيقان غيرهم بالآخرة إيمانا بغيرها حيث قالوا * (لن تمسنا النار) * وهذا منه أيضا استمرار على ما في ذهنه من الحصر أي أن المسلمين لا يوقنون إلا بالآخرة وأهل الكتاب يوقنون بها وبغيرها وهذا فهم عجيب ألجأه إليه فهمه الحصر وهو ممنوع وعلى تقدير تسليمه فالحصر على ثلاثة أقسام أحدها بما وإلا كقولك (ما قام إلا زيد) صريح في نفي القيام عن غير زيد ويقتضي إثبات القيام لزيد قيل بالمنطوق وقيل بالمفهوم وهو الصحيح لكنه أقوى المفاهيم لأن (إلا) موضوعة للاستثناء وهو الإخراج فدلالتها على الإخراج بالمنطوق لا بالمفهوم ولكن الإخراج من عدم القيام ليس هو عين القيام بل قد يستلزمه فلذلك رجحنا أنه بالمفهوم والتبس على بعض الناس لذلك فقال إنه بالمنطوق
(١٤٢)