العلماء) *، أي: المحصلون لهذه العبر، الناظرون فيها، / وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" أعلمكم بالله أشدكم له خشية "; وقال صلى الله عليه وسلم " رأس مخافة الله ".
وقال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم، وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية: كفى بالزهد علما، ويقال: إن فاتحة الزبور: " رأس الحكمة خشية الله " وقال ابن مسعود: كفى بخشية الله علما، وبالاغترار به جهلا.
وقال مجاهد والشعبي: إنما العالم من يخشى الله. و * (إنما) * في هذه الآية تحضيض للعلماء; لا للحصر. قال ابن عطاء الله في " الحكم ": العلم النافع هو الذي ينبسط في الصدر شعاعه، ويكشف به عن القلب قناعه، خير العلم ما كانت الخشية معه; والعلم إن قارنته الخشية فلك; وإلا; فعليك.
وقال في " التنوير ": اعلم أن العلم; حيث ما تكرر في الكتاب العزيز أو في السنة; فإنما المراد به العلم النافع الذي تقارنه الخشية وتكتنفه المخافة: قال تعالى: * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * فبين سبحانه أن الخشية تلازم العلم، وفهم من هذا أن العلماء إنما هم أهل الخشية. انتهى.
قال ابن عباد في " شرح الحكم ": واعلم أن العلم النافع المتفق عليه فيما سلف وخلف; إنما هو العلم الذي يؤدي صاحبه إلى الخوف، والخشية، وملازمة التواضع، والذلة، والتخلق بأخلاق الإيمان، إلى ما يتبع ذلك من بغض الدنيا، والزهادة فيها، وإيثار الآخرة عليها، ولزوم الأدب بين يدي الله تعالى، إلى غير ذلك من الصفات العلية والمناحي السنية. انتهى. وهذه المعاني كلها محصلة في كتب الغزالي وغيره; رضي الله عن جميعهم، ونفعنا ببركاتهم.