تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٤ - الصفحة ١٩١
ومعنى الآية: إن ذلك اليوم لشدة هوله القلوب والأبصار فيه مضطربة قلقة متقلبة.
/ قلت: ومن " الكلم الفارقية ": سعادة القلب إقباله على مقبله والعالم بحال مآله ومنقلبه، القلوب بحار جواهرها المعارف، وسواحلها الألسنة وغواصها الفكرة النافذة، غواص بحر الصور يغوص بصورته في طلب مكسبه، والعارف يغوص بمعنى قلبه في بحار غيب ربه، فيلتقط جواهر الحكمة ودرر الدراية، قلوب العارفين كالبحار، تنعقد في أصداف ضمائرهم جواهر المعارف والأسرار، القلوب كالأراضي ولم إلى من أسلمت إليه قلبك بذر فيه ما عنده، أما من بذر نفسه ووسواسه العفن المسوس، أو بذر فيه معرفته بالرب المقدس، انتهى.
قلت: فإن أردت سلامتك في ذلك اليوم فليكن قلبك الآن مقبلا على طاعة مولاك; فإنه يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
قال الواحدي: تتقلب فيه القلوب بين الطمع في النجاة والخوف من الهلاك، والإبصار تتقلب في أي ناحية يؤخذ بهم أذات اليمين أم ذات الشمال، ومن أي جهة يؤتون كتبهم، انتهى.
وقوله سبحانه: * (ليجزيهم) * أي فعلوا ذلك ليجزيهم " أحسن ما عملوا " أي " ثواب أحسن ما عملوا، ولما ذكر تعالى حالة المؤمنين وتنويره قلوبهم عقب ذلك بذكر الكفرة وأعمالهم، فقال: * (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة) * وهي جمع قاع، والقاع:
المنخفض البساط من الأرض، ويريد ب‍ * (جاءه) *: جاء موضعه الذي تخيله فيه، ويحتمل أن يعود الضمير في: * (جاءه) * على السراب ثم يكون في الكلام بعد ذلك متروك يدل عليه الظاهر تقديره: فكذلك الكافر يوم القيامة، يظن عمله نافعا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.
وقوله: * (ووجد الله عنده) * أي بالمجازات والضمير في * (عنده) * عائد على العمل، وباقي الآية وعيد بين.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مريم 5
2 طه 43
3 الأنبياء 79
4 الحج 106
5 المؤمنون 141
6 النور 167
7 الفرقان 202
8 الشعراء 224
9 النمل 242
10 القصص 263
11 العنكبوت 288
12 الروم 305
13 لقمان 318
14 السجدة 326
15 الأحزاب 334
16 سبأ 363
17 فاطر 381