وقوله: * (إن أردن تحصنا) * راجع إلى الفتيات; وذلك أن الفتاة إذا أرادت التحصن فحينئذ يمكن ويتصور أن يكون السيد مكرها، ويمكن أن ينهى عن الإكراه، وإذا كانت الفتاة لا تريد التحصن فلا يتصور أن يقال للسيد: لا تكرهها: لأن الإكراه لا يتصور فيها وهي مريدة للفساد، فهذا أمر في سادة وفتيات حالهم هذه، وذهب هذا النظر عن كثير من المفسرين /: فقال بعضهم قوله: * (إن أردن) * راجع إلى الأيامى في قوله: * (وأنكحوا الأيامى منكم) *، وقال بعضهم: هذا الشرط في قوله * (إن أردن) * ملغي ونحو هذا مما هو ضعيف، والله الموفق للصواب برحمته.
قلت: وما اختاره * ع * هو الذي عول عليه ابن العربي ونصه، وإنما ذكر الله تعالى إرادة التحصن من المرأة; لأن ذلك هو الذي يصور الإكراه، فأما إذا كانت هي راغبة في الزنا، لم يتحصل الإكراه فحصلوه إن شاء الله، انتهى من " الأحكام " وقرأ ابن مسعود وغيره: " فإن الله من بعد إكراههن [لهن] غفور رحيم " ثم عدد سبحانه نعمة على المؤمنين في قوله: * (ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم) * ليقع التحفظ مما وقع أولئك فيه.