تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٨
وقوله عز وجل: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم...) الآية: هذه الآية بجملتها فيها وعيد للظالمين، وتسلية للمظلومين، والخطاب بقوله:
(تحسبن) للنبي صلى الله عليه وسلم، و (تشخص فيه الأبصار)، معناه: تحد النظر، لفرط الفزع ولفرط ذلك يشخص المحتضر، و " المهطع " المسرع في مشيه، قاله ابن جبير وغيره، وذلك بذلة واستكانة، كإسراع الأسير ونحوه، وهذا أرجح الأقوال، وقال ابن عباس وغيره: الإهطاع شدة النظر من غير أن يطرف، وقال ابن زيد: " المهطع ": الذي لا يرفع رأسه، قال أبو عبيدة: قد يكون: الإهطاع للوجهين جميعا: الإسراع، وإدامة النظر، و " المقنع ": هو الذي يرفع رأسه قدما بوجهه نحو الشئ، ومن ذلك قول الشاعر: [الوافر] يباكرن على العضاه بمقنعات * نواجذهن كالحدإ الوقيع يصف الإبل عند رعيها أعالي الشجر، وقال الحسن في تفسير هذه الآية: وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد، وذكر المبرد فيما حكى عنه مكي:
أن الإقناع يوجد في كلام العرب بمعنى: خفض الرأس من الذلة.
قال * ع *: والأول أشهر.
وقوله سبحانه: (لا يرتد إليهم طرفهم)، أي: لا يطرفون من الحذر والجزع وشدة الحال.
وقوله: (وأفئدتهم هواء): تشبيه محض، وجهة التشبيه يحتمل أن تكون في فراغ الأفئدة من الخير والرجاء والطمع في الرحمة، فهي متخرقة مشبهة الهواء في تفرغه من الأشياء،
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة