تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٩
وانخراقه، ويحتمل أن تكون في اضطراب أفئدتهم وجيشانها في صدورهم، وأنها تذهب وتجئ وتبلغ على ما روي حناجرهم، فهي في ذلك كالهواء الذي هو أبدا في اضطراب.
وقوله سبحانه: (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب): المراد باليوم: يوم القيامة، ونصبه على أنه مفعول ب‍ " أنذر "، ولا يجوز أن يكون ظرفا، لأن القيامة ليست بموطن إنذار، قال الشيخ العارف بالله عبد الله بن أبي جمرة: يجب التصديق بكل ما أخبر الله ورسوله به، ولا يتعرض إلى الكيفية في كل ماء جاء من أمر الساعة وأحوال يوم القيامة، فإنه أمر لا تسعه العقول، وطلب الكيفية فيه ضعف في الإيمان، وإنما يجب الجزم بالتصديق بجميع ما أخبر الله به، انتهى.
قال الغزالي: فأعلم العلماء وأعرف الحكماء ينكشف له عقيب الموت من العجائب والآيات ما لم يخطر قط بباله، ولا اختلج به ضميره، فلو لم يكن للعاقل هم ولا غم، إلا التفكر في خطر تلك الأحوال، وما الذي ينكشف عنه الغطاء من شقاوة لازمة، أو سعادة دائمة / لكان ذلك كافيا في استغراق جميع العمر، والعجب من غفلتنا، وهذه العظائم بين أيدينا. انتهى من " الإحياء ".
وقوله: (أو لم تكونوا...) الآية: معناه: يقال لهم، وقوله: (ما لكم من زوال): هو المقسم عليه، وهذه الآية ناظرة إلى ما حكى الله سبحانه عنهم في قوله:
(وأقسموا بالله جهدا أيمانهم لا يبعث الله من يموت) [النحل: 38].
وقوله سبحانه: (وسكنتم...) الآية: المعنى: بقول الله عز وجل: وسكنتم أيها المعرضون عن آيات الله من جميع العالم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر من الأمم السالفة، فنزلت بهم المثلات، فكان حقكم الاعتبار والاتعاظ. وقوله: (وعند الله مكرهم): أي: جزاء مكرهم، وقرأ السبعة سوى الكسائي: " وإن كان مكرهم لتزول "
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة