تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٣
وهذا قول قتادة وجماعة.
الثاني: أن هذا الاستثناء ليس بمتصل ولا منقطع، وإنما هو على طريق الاستثناء الذي ندب إليه الشرع في كل كلام، فهو على نحو قوله: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله) [الفتح: 27].
الثالث: أن " إلا " في هذه الآية بمعنى " سوى "، والاستثناء منقطع، وهذا قول الفراء، فإنه يقدر الاستثناء المنقطع ب‍ " سوى " وسيبويه يقدره ب‍ " لكن "، أي: سوى ما شاء الله زائدا على ذلك، ويؤيد هذا التأويل قوله بعد: (عطاء غير مجذود)، وقيل: سوى ما أعد الله لهم من أنواع العذاب، وأشد من ذلك كله سخطه سبحانه عليهم، وقيل: الاستثناء في الآيتين من الكون في النار والجنة، وهو زمان الموقف، وقيل: الاستثناء، في الآية الأولى:
من طول المدة، وذلك على ما روي أن جهنم تخرب، ويعدم أهلها، وتخفق أبوابها، فهم على هذا يخلدون حتى يصير أمرهم إلى هذا.
قال * ع *: وهذا قول محتمل، والذي روي ونقل عن ابن مسعود وغيره أن ما يخلى من النار إنما هو الدرك الأعلى المختص بعصاة المؤمنين، وهذا الذي يسمى جهنم، وسمي الكل به تجوزا.
* ت *: وهذا هو الصواب - إن شاء الله - وهو تأويل صاحب " العاقبة "، أن الذي يخرب ما يخص عصاة المؤمنين، وتقدم الكلام على نظير هذه الآية، وهو قوله في " الأنعام ": (خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم) [الأنعام: 218].
قال * ع *: والأقوال المترتبة في الاستثناء الأول مرتبة في الاستثناء الثاني في الذين سعدوا إلا تأويل من قال: هو استثناء المدة التي تخرب فيها جهنم، فإنه لا يترتب هنا، وال‍ (مجذوذ): المقطوع، والإشارة بقوله: (مما يعبد هؤلاء إلى كفار العرب، وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص) معناه: من العقوبة، وقال الداوودي عن ابن عباس:
(وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص): قال: ما قدر لهم من خير وشر انتهى.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة