تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٨٣
وقوله سبحانه: (انفروا خفافا وثقالا) معنى الخفة والثقل ههنا: مستعار لمن يمكنه السفر بسهولة، ومن يمكنه بصعوبة، وأما من لا يمكنه، كالعمي ونحوهم، فخارج عن هذا.
وقال أبو طلحة: ما سمع الله عذر أحد، وخرج إلى الشام، فجاهد حتى مات.
وقال أبو أيوب: ما أجدني أبدا إلا خفيفا أو ثقيلا.
وقوله سبحانه: (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون): تنبيه وهز للنفوس.
وقوله سبحانه: (لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك)، هذه الآية في المنافقين المتخلفين في غزوة تبوك، وكشف ضمائرهم، وأما الآيات التي قبلها، / فعامة فيهم وفي غيرهم، والمعنى: لو كان هذا الغزو لعرض، أي: لمال وغنيمة تنال قريبا، بسفر قاصد يسير، لبادروا لا لوجه الله، (ولكن بعدت عليهم الشقة) وهي المسافة الطويلة.
وقوله: (وسيحلفون بالله)، يريد: المنافقين، وهذا إخبار بغيب.
وقوله عز وجل: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)، هذه الآية هي في صنف مبالغ في النفاق، استأذنوا دون اعتذار، منهم: الجد بن قيس ورفاعة بن التابوت ومن اتبعهم، قال مجاهد: وذلك أن بعضهم قال: نستأذنه، فإن أذن في القعود قعدنا، وإلا قعدنا، وقدم له العفو قبل العتاب: إكراما له صلى الله عليه وسلم، وقالت فرقة: بل قوله سبحانه (عفا الله عنك):
استفتاح كلام كما تقول: أصلحك الله، وأعزك الله، ولم يكن منه عليه السلام ذنب يعفى عنه، لأن صورة الاستنفار وقبول الأعذار مصروفة إلى اجتهاده.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة