وقوله سبحانه: (إلا تنصروه فقد نصره الله) هذا أيضا شرط وجواب، ومعنى الآية:
إنكم إن تركتم نصره، فالله متكفل به، إذ قد نصره في موضع القلة والانفراد وكثرة العدو، ولن يترك نصره الآن.
وقوله: (إذ أخرجه الذين كفروا)، أسند الإخراج إليهم، تذنيبا لهم، ولما كان مقصد أبي سفيان بن الحارث الفخر في قوله: من طردت كل مطرد، لم يقره النبي صلى الله عليه وسلم على ما علم في كتب " السيرة "، والإشارة إلى خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وفي صحبته أبو بكر، واختصار القصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتظر إذن الله سبحانه في الهجرة من مكة، وكان أبو بكر حين ترك ذمة ابن الدغنة قد أراد الخروج، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
" أصبر، لعل الله أن يسهل الصحبة " فلما أذن الله لنبيه في الخروج، تجهز من دار أبي بكر، وخرجا، فبقيا في الغار الذي في جبل ثور في غربي مكة ثلاث ليال، وخرج المشركون في إثرهم، حتى انتهوا إلى الغار، فطمس الله عليهم الأثر، وقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: لو نظر أحدهم إلى قدمه، لرآنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " هكذا في الحديث الصحيح، ويروى أن العنكبوت نسجت على باب الغار.
ويروى أن الحمامة عششت عند باب الغار، وكان يروح عليهما باللبن عامر بن فهيرة.
وقوله: (ثاني اثنين)، معناه: أحد اثنين، وقوله: (إن الله معنا)، يريد: بالنصر والنجاة واللطف.
وقوله سبحانه: (وكلمة الله هي العليا)، قيل: يريد: لا إله إلا الله، وقيل: الشرع بأسره.