تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٨٨
قال الفخر: قوله: (وهم يجمحون) أي: يسرعون إسراعا لا يرد وجوههم شئ، ومن هذا يقال: جمح الفرس، وفرس جموح، وهو الذي إذا حمل، لم يرده اللجام، انتهى.
وقوله عز وجل: (ومنهم من يلمزك...) الآية: أي: ومن المنافقين من يلمزك، أي: يعيبك ويأخذ منك في الغيبة، ومنه قول الشاعر: [البسيط] إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة * وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه ومنه قوله سبحانه: (ويل لكل همزة لمزة) [الهمزة: 1] وقوله سبحانه: (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله...) الآية: المعنى: لو أن هؤلاء المنافقين رضوا قسمة الله الرزق لهم، وما أعطاهم على يد رسوله، وأقروا بالرغبة إلى الله، لكان خيرا لهم، وحذف الجواب، لدلالة ظاهر الكلام عليه، وذلك من فصيح الكلام وإيجازه.
وقوله سبحانه: (إنما الصدقات للفقراء...) الآية: (إنما) في هذه الآية حاصرة تقتضي وقوف الصدقات على الثمانية الأصناف، وإنما أختلف في صورة القسمة، ومذهب مالك وغيره، أن ذلك على قدر الاجتهاد، وبحسب الحاجة، وأما الفقير والمسكين، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد والزهري وابن زيد وغيرهم: المساكين: الذين يسعون ويسألون، والفقراء: الذين يتصاونون، وهذا القول أحسن ما قيل في هذا، وتحريره أن الفقير هو الذي لا مال له إلا أنه لم يذل نفسه، ولا يذل وجهه، وذلك إما لتعفف مفرط،
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة