تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
منعوهم حتى يجوعوا ويعروا ويجهدوا، حاسبهم الله حسابا شديدا، وعذبهم عذابا نكرا " انتهى.
وقوله سبحانه: (فتكوى بها جباههم...) الآية: قال ابن مسعود: والله، لا يمس دينار دينارا، بل يمد الجلد حتى يكوى بكل دينار، وبكل درهم قال الفخر: قال أبو بكر الوراق: وخصت هذه المواضع بالذكر، لأن صاحب المال، إذا رأى الفقير، قبض جبينه، وإذا جلس إلى جنبه، تباعد عنه، وولاه ظهره. انتهى.
وقوله سبحانه: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله)، هذه الآية والتي بعدها تتضمن ما كانت العرب عليه في جاهليتها من تحريم شهور الحل، وتحليل شهور الحرمة، وإذا نص ما كانت العرب تفعله، تبين معنى الآيات، فالذي تظاهرت به الروايات، ويتخلص من مجموع ما ذكره الناس: أن العرب كانت لا عيش لأكثرها إلا من الغارات وإعمال سلاحها، فكانوا إذا توالت عليهم حرمة الأشهر الحرم، صعب عليهم، وأملقوا / وكان بنو فقيم من كنانة أهل دين في العرب، وتمسك بشرع إبراهيم عليه السلام، فانتدب منهم القلمس، وهو حذيفة بن عبد فقيم، فنسي الشهور للعرب، ثم خلفه على ذلك بنوه، وذكر الطبري وغيره، أن الأمر كان في عدوان قبل بني مالك بن كنانة، وكانت صورة فعلهم: أن العرب كانت إذا فرغت من حجها، جاء إليه من شاء منهم مجتمعين، فقالوا: أنسانا شهرا، أي: أخر عنا حرمة المحرم، فاجعلها في صفر، فيحل لهم المحرم، فيغيرون فيه، ثم يلتزمون حرمة صفر، ليوافقوا عدة الأشهر الحرم الأربعة قال مجاهد: ويسمون ذلك الصفر المحرم، ثم يسمعون ربيعا الأول صفرا وربيعا الآخر ربيعا الأول، وهكذا في سائر الشهور، وتجئ السنة من ثلاثة عشر شهرا أولها: المحرم
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة