تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٦
والد، بل اختراعا، كآدم - عليه السلام -.
وقوله تعالى: (والله على كل شئ قدير): عموم معناه الخصوص فيما عدا الذات، والصفات، والمحالات.
(وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير (18)) وقوله سبحانه: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه...) الآية:
البنوة، في قولهم هذا: بنوة الحنان والرأفة، لأنهم ذكروا أن الله سبحانه أوحى إلى إسرائيل، أن أول أولادك بكرى، فضلوا بذلك، وقالوا: (نحن أبناء الله وأحباؤه)، ولو صح ما رووا، لكان معناه: بكرا في التشريف أو النبوة، ونحوه، وكانت هذه المقالة منهم عندما دعاهم النبي - عليه السلام - إلى الإيمان به، وخوفهم العذاب، فقالوا: نحن لا نخاف ما تقول، لأنا أبناء الله وأحباؤه، ذكر ذلك ابن عباس، وقد كانوا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم في غير ما موطن: نحن ندخل النار، فنقيم فيها أربعين يوما، فرد الله عليهم قولهم، فقال لنبيه - عليه السلام -: (قل فلم يعذبكم / بذنوبكم): أي: لو كانت منزلتكم منه فوق منازل البشر، لما عذبكم، وأنتم قد أقررتم أنه يعذبكم، ثم ترك الكلام الأول، وأضرب عنه غير مفسد له، ودخل في غيره، فقال: بل أنتم بشر كسائر الناس، والخلق أكرمهم عند الله أتقاهم، يهدي من يشاء للإيمان، فيغفر له ويورط من يشاء في الكفر، فيعذبه، وله ملك السماوات والأرض وما بينهما، فله بحق الملك أن يفعل ما يشاء، ولا معقب لحكمه، وإليه مصير العباد بالحشر والمعاد.
(يأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشر ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير (19)) وقوله تعالى: (يأهل الكتاب): يعني: اليهود والنصارى: (قد جاءكم رسولنا):
محمد - عليه السلام -.
وقوله: (على فترة من الرسل): أي: على انقطاع من مجيئهم مدة ما، والفترة:
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة