تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٣
ونصرتموهم، وقرأ عاصم الجحدري: " وغررتموهم " - خفيفة الزاي -، حيث وقع، وقرأ في " سورة الفتح ": " وتعزروه " - بفتح التاء، وسكون العين، وضم الزاي -، وسواء السبيل:
وسطه، وسائر ما في الآية بين، والله المستعان.
وقوله تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية...) الآية: أي:
فبنقضهم، والقسوة: غلظ القلب، ونبوه عن الرقة والموعظة، وصلابته حتى لا ينفعل لخير.
وقوله تعالى: (ونسوا حظا مما ذكروا به): نص على سوء فعلهم بأنفسهم، أي: قد كان لهم حظ عظيم فيما ذكروا به، فنسوه، وتركوه، ثم أخبر تعالى نبيه - عليه السلام -، أنه لا يزال في مستأنف الزمان يطلع على خائنة منهم، وغائلة، وأمور فاسدة.
قالت فرقة: خائنة: مصدر، والمعنى: على خيانة، وقال آخرون: معناه: على فرقة خائنة، فهي اسم فاعل صفة لمؤنث.
وقوله تعالى: (فاعف عنهم واصفح): منسوخ بما في " براءة "، وباقي الآية بين.
(ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون (14)) وقوله تعالى: (ومن الذين قالوا إنا نصارى): " من ": متعلقة ب‍ (أخذنا)، التقدير:
وأخذنا من الذين قالوا: إنا نصارى ميثاقهم، ويحتمل أن تكون معطوفة على (خائنة منهم)، والأول أرجح، وعلق قولهم: " نصارى " بقولهم ودعواهم، من حيث هو اسم شرعي يقتضي نصر دين الله، وسموا به أنفسهم دون استحقاق.
وقوله سبحانه: (فأغرينا بينهم العداوة): أي: أثبتناها بينهم وألصقناها، والإغراء:
مأخوذ من الغراء الذي يلصق به، وقال البخاري: الإغراء: التسليط. انتهى.
والضمير في (بينهم) يحتمل أن يعود على اليهود، والنصارى، لأن العداوة بينهم موجودة مستمرة، ويحتمل أن يعود على النصارى فقط، لأنها أمة متقاتلة بينها الفتن إلى يوم القيامة، ثم توعدهم بعذاب الآخرة، إذ صنعهم كفر يوجب الخلود في النار.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة