قال الطبري: ولا يختلف أنها بين الفرات وعريش مصر.
قال * ع *: وتظاهرت الروايات، أن " دمشق " هي قاعدة الجبارين، ثم حذرهم موسى الارتداد على الأدبار، وذلك هو الرجوع القهقري، والخاسر: الذي قد نقص حظه، ثم ذكر عز وجل، أنهم تعنتوا ونكصوا، فقالوا: (إن فيها قوما جبارين)، والجبار: من الجبر، كأنه لقدرته وغشمه وبطشه يجبر الناس على إرادته، والنخلة الجبارة: العالية التي لا تنال بيد، وكان من خبر الجبارين، أنهم كانوا أهل قوة، فلما بعث موسى الاثني عشر نقيبا مطلعين من أمر الجبارين، وأحوالهم، رأوا لهم قوة وبطشا وتخيلوا أن لا طاقة لهم بهم، فتعاقدوا بينهم على أن يخفوا ذلك من بني إسرائيل، وأن يعلموا به موسى، ليرى فيه أمر ربه، فلما انصرفوا إلى بني إسرائيل، خان منهم عشرة، فعرفوا قراباتهم، ومن وثقوا به، ففشا الخبر، حتى أعوج أمر بني إسرائيل، وقالوا: (اذهب أنت وربك فقاتلا) [المائدة: 24]، ولم يف من النقباء إلا يوشع بن نون، وكالب بن يوفتا /، ويقال فيه: " كالوث " (بثاء مثلثة).
(قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى ا لله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين (23) قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون (24) قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين (25) قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين (26)) وقوله تعالى: (قال رجلان من الذين يخافون) أي: يخافون الله سبحانه، قال أكثر المفسرين: الرجلان يوشع بن نون، وهو ابن أخت موسى، وكالب بن يوفتا، (أنعم الله عليهما) بالإيمان الصحيح، وربط الجأش، والثبوت، وقولهم: (فاذهب أنت وربك فقاتلا...) الآية: عبارة تقتضي كفرا، وقيل: المعنى: فاذهب أنت وربك يعينك، وأن الكلام معصية لا كفر، وذكر ابن إسحاق وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم الناس يوم بدر، وقال لهم: " أشيروا علي، أيها الناس، فقال له المقداد بن الأسود: يا رسول الله، لسنا نقول، كما قالت بنو إسرائيل: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون)، ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، ثم تكلم سعد بن معاذ بنحو هذا المعنى "، ولما