تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٩
الإطلاق، والمستوي في الأفعال، والأقوال، والمحبة، والجماع، وغير ذلك، " وكان صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه، ثم يقول: اللهم، هذا فعلي فيما أملك، فلا تؤاخذني بما تملك، ولا أملك ".
فوصف الله سبحانه حالة البشر، أنهم بحكم الخلفة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض الأزواج، دون بعض، ثم نهى سبحانه عن الميل كل الميل، وهو أن يفعل فعلا يقصده من التفضيل، وهو يقدر ألا يفعله، فهذا هو كل الميل، وإن كان في أمر حقير.
وقوله سبحانه: (فتذروها كالمعلقة)، أي: لا هي أيم، ولا ذات زوج، وجاء في التي قبل: (وإن تحسنوا)، وفي هذه: (وإن تصلحوا)، لأن الأولى في مندوب إليه، وفي هذه في لازم، إذ يلزمه العدل فيما يملك.
(وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما (130)) وقوله تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته...) الآية: إن شح كل واحد من الزوجين، فلم يتصالحا، لكنهما تفرقا بطلاق، فإن الله تعالى يغني كل واحد منهما عن صاحبه بفضله، ولطائف صنعه في المال، والشعرة، والسعة، وجود المرادات، والتمكن منها، والواسع: معناه: الذي عنده خزائن كل شئ.
(ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا (131) ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا (132) إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا (133)) وقوله سبحانه: (ولله ما في السماوات وما في الأرض): تنبيه على موضع الرجاء لهذين المفترقين، ثم جاء بعد ذلك قوله: (وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض)، تنبيها على استغنائه عن العباد، ومقدمة للخبر بكونه غنيا حميدا، ثم جاء بعد
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة