(لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) [البقرة: 111]، وقالوا: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) [البقرة: 80]، قال الطبري: وقول مجاهد أولى بالصواب، وذلك أن المسلمين لم يجر لأمانيهم ذكر فيما مضى من الآي، وإنما جرى ذكر أماني نصيب الشيطان. انتهى.
وعليه عول * ص *: في سبب نزول الآية، أعني: على تأويل مجاهد.
وقوله تعالى: (من يعمل سوءا يجز به).
قال جمهور الناس: لفظ الآية عام، فالكافر والمؤمن مجازى، فأما مجازاة الكافر، فالنار، وأما مجازاة المؤمن، فبنكبات الدنيا، فمن بقي له سوء إلى الآخرة، فهو في المشيئة يغفر الله لمن يشاء، ويجازي من يشاء.
(ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا (124) ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا (125)) وقوله تعالى: (ومن يعمل من الصالحات)، دخلت " من " للتبعيض، إذ الصالحات على الكمال مما لا يطيقه البشر، ففي هذا رفق بالعباد، لكن في هذا البعض الفرائض، وما أمكن من المندوب إليه، ثم قيد الأمر بالإيمان، إذ لا ينفع عمل دونه، والنقير: النكتة التي في ظهر النواة ومنه تنبت، وعن ابن عباس: ما تنقره بإصبعك.
ثم أخبر تعالى إخبارا موقفا على أنه لا أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله، أي: أخلص مقصده وتوجهه، وأحسن في أعماله، واتبع الحنيفية ملة إبراهيم إمام العالم، وقدوة الأديان، ثم ذكر سبحانه تشريفه لنبيه إبراهيم - عليه السلام -، باتخاذه خليلا، وسماه خليلا، إذ كان خلوصه، وعبادته، واجتهاده على الغاية التي يجرى إليها المحب المبالغ، وذهب قوم، إلى أنه سمي خليلا من " الخلة " - بفتح الخاء -، أي: لأنه أنزل خلته وفاقته بالله تعالى، وكذلك شرف الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم / بالخلة، كما هو مصرح به في الحديث الصحيح.
(ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شئ محيطا (126))