تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
وقوله تعالى: (هأنتم هؤلاء): خطاب للقوم الذين يتعصبون لأهل الريب والمعاصي، ويندرج في طي هذا العموم أهل النازلة، وهو الأظهر عندي، بحكم التأكيد بهؤلاء، وهي إشارة إلى حاضرين، ومن " مصابيح البغوي " عن أبي داود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل، وهو يعلمه لم يزل في سخط الله، حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال، حتى يخرج مما قال "، ويروى: " من أعان على خصومة لا يدري أحق أم باطل، فهو في سخط الله، حتى ينزع ". انتهى.
وقوله تعالى: (فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة...) الآية: وعيد محض، ولما تمكن هذا الوعيد، وقضت العقول بأن لا مجادل لله سبحانه، ولا وكيل يقوم بأمر العصاة عنده، عقب ذلك بهذا الرجاء العظيم، والمهل المنفسح، فقال: (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه...) الآية، وباقي الآية بين.
(ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا (112) ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شئ وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما (113)) وقوله تعالى: (ومن يكسب خطيئة أو إثما)، ذهب بعض الناس إلى انهما لفظان بمعنى، كرر، لاختلاف اللفظ، وقال الطبري: إنما فرق بين الخطيئة والإثم، لأن الخطيئة تكون عن عمد، وعن غير عمد، والإثم لا يكون إلا عن عمد، وهذه الآية لفظها عام، ويندرج تحت ذلك العموم أهل النازلة المذكورة، وبرئ النازلة، وهو لبيد، كما تقدم، أي: ويتناول عموم الآية كل بريء.
وقوله: (فقد احتمل بهتانا): تشبيه، إذ الذنوب ثقل ووزر، فهي كالمحمولات، و (بهتانا): معناه: كذبا، ثم وقف الله تعالى نبيه على مقدار عصمته له، وأنها بفضل منه
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة