(ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما (104)) وقوله تعالى: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم): أي: لا تلينوا وتضعفوا، يقال: حبل واهن، أي: ضعيف، ومنه: " وهن العظم " وابتغاء القوم: طلبهم، وهذا تشجيع لنفوس المؤمنين، وتحقير لأمر الكفرة، ثم تأكد التشجيع بقوله: (وترجون من الله ما لا يرجون)، وهذا برهان بين، ينبغي بحسبه أن تقوى نفوس المؤمنين، وباقي الآية بين.
(إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما (105)) وقوله تعالى: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله...) الآية: في هذه الآية تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفويض إليه، وتقويم أيضا على الجادة في الحكم، وتأنيب ما على قبول ما رفع إليه في أمر بنى أبيرق بسرعة.
وقوله تعالى: (بما أراك الله): معناه: على قوانين الشرع إما بوحي ونص أو نظر جار على سنن الوحي، وقد تضمن الله تعالى لأنبيائه العصمة.
وقوله تعالى: (ولا تكن للخائنين خصيما)، قال الهروي: (خصيما): أي:
مخاصما، ولا دافعا. انتهى.
قال * ع *: سببها، باتفاق من المتأولين: أمر بنى أبيرق، وكانوا إخوة: بشر، وبشير، ومبشر، وطعيمة، وكان بشير رجلا منافقا يهجو أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وينحل الشعر لغيره، فكان المسلمون يقولون: والله، ما هو إلا شعر الخبيث، فقال شعرا يتنصل فيه، فمنه قوله: [الطويل].
أفي كل ما قال الرجال قصيدة * نحلت، وقالوا: ابن الأبيرق قالها قال قتادة بن النعمان: وكان بنو أبيرق أهل فاقة، فابتاع عمى رفاعة بن زيد حملا