تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٥
قال * ص *: (أركسهم)، أي: ردهم في الكفر.
وقال ابن العربي في " أحكامه ": أخبر الله تعالى أنه رد المنافقين إلى الكفر، وهو الإركاس، وهو عبارة عن الرجوع إلى الحالة المكروهة، كما قال في الروثة: " إنها ركس "، أي: رجعت إلى حالة مكروهة، فنهى الله سبحانه الصحابة أن يتعلقوا فيهم بظاهر الإيمان، إذ كان باطنهم الكفر، وأمرهم بقتلهم، حيث وجدوهم. انتهى.
وقوله تعالى: (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق...) الآية.
قال * ص *: (إلا الذين يصلون): استثناء متصل من مفعول (فخذوهم واقتلوهم). انتهى.
قال * ع *: هذه الآية من آيات الموادعة في أول الإسلام، ثم نسخت بما في سورة " براءة " فالآية تقتضي أن من وصل من المشركين الذين لا عهد بينهم، وبين النبي صلى الله عليه وسلم إلى هؤلاء أهل العهد، فدخل في عدادهم، وفعل فعلهم من الموادعة، فلا سبيل عليه.
وقوله تعالى: (أو جاءوكم): عطف على (يصلون)، ويحتمل أن يكون على قوله: (بينكم وبينهم ميثاق)، والمعنى في العطفين مختلف، وهذا أيضا حكم قبل أن يستحكم أمر الإسلام، فكان المشرك، إذا اعتزل القتال، وجاء إلى دار الإسلام مسالما كارها لقتال قومه مع المسلمين، ولقتال المسلمين مع قومه، لا سبيل عليه، وهذه نسخت أيضا بما في " براءة "، ومعنى (حصرت): ضاقت، وحرجت، ومنه: الحصر في القول، وهو ضيق الكلام على المتكلم، و (حصرت): في موضع نصب على الحال، واللام في قوله: (لسلطهم) جواب " لو "، والمعنى: ولو شاء الله، لسلط هؤلاء الذين هم بهذه الصفة من المسالمة والمتاركة عليكم، (فإن اعتزلوكم)، أي: إذا وقع هذا، فلم يقاتلوكم، فلا سبيل لكم عليهم، وهذا كله، والذي في سورة " الممتحنة ": (لا ينهاكم الله...) [الممتحنة: 8] الآية: منسوخ، قاله قتادة وغيره.
و (السلم): الصلح.
(ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة