تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠
قوله: (لاتبعتم الشيطان إلا قليلا)، لأنه لا وجه له، فإنه لولا فضل الله ورحمته، لاتبعوا الشيطان كلهم. انتهى، وهو حسن، وأما قوله: " لا وجه له "، ففيه نظر، فقد وجهه العلماء بما لا نطيل بذكره.
وقوله تعالى: (فقاتل في سبيل الله...) الآية: هذا أمر في ظاهر اللفظ للنبي صلى الله عليه وسلم وحده، لكن لم نجد قط في خبر، أن القتال فرض على النبي صلى الله عليه وسلم، دون الأمة مدة ما، والمعنى، والله أعلم، أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم في اللفظ، وهو مثال ما يقال لكل واحد في خاصة نفسه، أي: أنت، يا محمد، وكل واحد من أمتك القول له: فقاتل في سبيل الله، لا تكلف إلا نفسك، ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يستشعر أن يجاهد، ولو وحده، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " والله، لأقاتلنكم حتى تنفرد سالفتي "، وقول أبي بكر (رضي الله عنه) وقت الردة: " ولو خالفتني يميني، لجاهدتها بشمالي "، وعسى إذا وردت من الله تعالى، فقال عكرمة وغيره: هي واجبة، بفضل الله ووعده الجميل، قلت: أي: واقع ما وعد به سبحانه، والتنكيل: الأخذ بأنواع العذاب.
(من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شئ مقيتا (85) وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شئ حسيبا (86) الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا (87)) وقوله سبحانه: (من يشفع شفاعة حسنة...) الآية: قال مجاهد وغيره: هي في شفاعات الناس بينهم في حوائجهم، فمن يشفع لينفع، فله نصيب، ومن يشفع ليضر، فله كفل، والكفل: النصيب، ويستعمل في الخير وفي الشر، وفي كتاب الله تعالى:
(يؤتكم كفلين من رحمته) [الحديد: 28]، وروى أبو داود، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم،
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة