تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٧
الله تعالى بخلقه واختراعه، لا خالق سواه سبحانه، لا شريك له، وفي مصحف ابن مسعود: " فمن نفسك، وأنا قضيتها عليك "، وقرأ بها ابن عباس، وفي رواية: " وأنا قدرتها عليك "، ويعضد هذا التأويل أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم معناها: أن ما يصيب ابن آدم من المصائب، فإنما هو عقوبة ذنوبه، قال أبو جعفر أحمد بن نصر الداوودي: قوله تعالى:
(وما أصابك من سيئة فمن نفسك): خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد غيره. انتهى.
وفي قوله سبحانه: / (وأرسلناك للناس رسولا)، ثم تلاه بقوله: (وكفى بالله شهيدا): توعد للكفار، وتهديد تقتضيه قوة الكلام، لأن المعنى: شهيدا على من كذبه.
وقوله تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، فالمعنى: أن الرسول - عليه السلام - إنما يأمر وينهي، بيانا وتبليغا عن الله، و (تولى): معناه: أعرض، و (حفيظا): يحتمل معنيين: أي: لتحفظهم حتى لا يقعوا في الكفر والمعاصي ونحوه، أو لتحفظ مساويهم وتحسبها عليهم، وهذه الآية تقتضي الإعراض عمن تولى، والترك له، وهي قبل نزول القتال، وإنما كانت توطئة ورفقا من الله عز وجل، حتى يستحكم أمر الإسلام.
وقوله تعالى: (ويقولون طاعة...) الآية: نزلت في المنافقين باتفاق المفسرين، المعنى: يقولون لك، يا محمد: أمرنا طاعة، فإذا خرجوا من عندك، اجتمعوا ليلا، وقالوا غير ما أظهروا لك، و (بيت): معناه: فعل ليلا، وهو مأخوذ من بات أو من البيت، لأنه ملتزم بالليل.
وقوله: (تقول): يحتمل أن يكون معناه: تقول أنت، ويحتمل تقول هي لك، والأمر بالإعراض إنما هو عند معاقبتهم ومجازاتهم، وأما استمرار عظتهم ودعوتهم، فلازم، ثم أمر سبحانه بالتوكل عليه، والتمسك بعروته الوثقى، ثقة بإنجاز وعده في النصر،
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة