تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٩
تقدم نظيره في " البقرة "، وسبب الآية، على ما حكي: أن اليهود قالوا، لما لم يرض المنافق بحكم النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأينا أسخف من هؤلاء يؤمنون بمحمد، ثم لا يرضون بحكمه، ونحن قد أمرنا بقتل أنفسنا، ففعلنا، وبلغ القتل فينا سبعين ألفا، فقال ثابت بن قيس: لو كتب ذلك علينا، لفعلناه، فنزلت الآية معلمة بحال أولئك المنافقين، وأنه لو كتب ذلك على الأمة، لم يفعلوه، وما كان يفعله إلا قليل مؤمنون محققون، كثابت، قلت: وفي " العتبية "، عن مالك، عن أبي بكر (رضي الله عنه) نحو مقالة ثابت بن قيس، قال ابن رشد: ولا شك أن أبا بكر من القليل الذي استثنى الله تعالى في الآية، فلا أحد أحق بهذه الصفة منه. انتهى.
قال * ص *: (إلا قليل): الجمهور بالرفع، على البدل من واو " فعلوه "، عند البصريين. انتهى.
(ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به): لو أن هؤلاء المنافقين اتعظوا وأنابوا، لكان خيرا لهم و (تثبيتا)، معناه: يقينا وتصديقا، ونحو هذا، أي: يثبتهم الله.
ثم ذكر تعالى ما كان يمن به عليهم من تفضله بالأجر، ووصفه إياه بالعظيم مقتض ما لا يحصيه بشر من النعيم المقيم، والصراط المستقيم: الإيمان المؤدي إلى الجنة، والمقصود تعديد ما كان ينعم به عليهم سبحانه.
(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (69) ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما (70)) وقوله (جلت عظمته): (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم...) الآية: لما ذكر الله سبحانه الأمر الذي لو فعلوه، لأنعم عليهم، ذكر بعد ذلك ثواب من يفعله، وهذه الآية تفسر قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم)، وقالت طائفة: إنما نزلت هذه الآية لما قال عبد الله بن زيد الأنصاري
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة