تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٨
والوكيل: القائم بالأمور المصلح لما يخاف من فسادها.
(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (82) وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا (83) فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا (84)) وقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن...) الآية: المعنى: أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون كلام الله تعالى، فتظهر لهم براهينه، وتلوح لهم أدلته، قلت: اعلم (رحمك الله تعالى)، أن تدبر القرآن كفيل لصاحبه بكل خير، وأما الهذرمة والعجلة، فتأثيرها في القلب ضعيف، قال النووي (رحمه الله): وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي وغيرها، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ". انتهى.
قال * ع *: والتدبر هو النظر في أعقاب الأمور وتأويلات الأشياء، هذا كله يقتضيه قوله سبحانه: (أفلا يتدبرون القرآن)، وهذا أمر بالنظر والاستدلال، ثم عرف تعالى بموقع الحجة، أي: لو كان من كلام البشر، لدخله ما في البشر من القصور، وظهر فيه التناقض والتنافي الذي لا يمكن جمعه، إذ ذلك موجود في كلام البشر، والقرآن منزه عنه، إذ هو كلام المحيط بكل شئ سبحانه.
قال * ع *: فإن عرضت لأحد شبهة، وظن اختلافا في شئ من كتاب الله، فالواجب أن يتهم نظره ويسأل من هو أعلم منه.
وقوله تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف...) الآية: قال جمهور المفسرين: إن الآية في المنافقين حسبما تقدم، والمعنى: أن المنافقين كانوا يتشوفون إلى
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة