تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٧
وقوله تعالى: (أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم): تكذيب لهم وتوعد، أي:
فهو سبحانه مجازيهم، فأعرض عنهم، وعظهم بالتخويف من عذاب الله وغيره من المواعظ.
وقوله سبحانه: (وقل لهم في أنفسهم).
قال * ص *: أي: قل لهم خاليا بهم، لأن النصح، إذا كان في السر، كان أنجح، أو: قل لهم في حال أنفسهم النجسة المنطوية على النفاق قولا يبلغ منهم الزجر عن العود إلى ما فعلوا. انتهى.
واختلف في " القول البليغ "، فقيل: هو الزجر والردع والكف بالبلاغة من القول، وقيل: هو التوعد بالقتل، إن استداموا حالة النفاق، قاله الحسن، وهذا أبلغ ما يكون في نفوسهم، والبلاغة مأخوذة من بلوغ المراد بالقول.
(وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (64)) وقوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله): تنبيه على جلالة الرسل، أي: فأنت يا محمد، منهم تجب طاعتك، وتتعين إجابة الدعوة إليك، و (بإذن الله):
معناه: بأمر الله، و (ظلموا أنفسهم) أي: بالمعصية، والنفاق، وعن العتبي، قال: كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك، يا رسول الله، سمعت الله تعالى يقول: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما)، وقد جئتك مستعفيا من ذنوبي، مستغفرا إلى ربي، ثم أنشأ يقول: [البسيط].
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف، وفيه الجود والكرم قال: ثم انصرف، فحملتني عيناي، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: " يا عتبي:
الحق الأعرابي، فبشره أن الله تعالى قد غفر له ". انتهى من " حلية النووي "، و " سنن الصالحين "، للباجي، وفيه: مستغفرا من ذنوبي، مستشفعا بك إلى ربي.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة