تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٦
خاصة منها، وترد العينان في القفا، فيكون ذلك ردا على الأدبار، ويمشي القهقري، وقال مالك (رحمه الله): كان أول إسلام كعب الأحبار، أنه مر برجل من الليل، وهو يقرأ هذه الآية: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا...) الآية، فوضع كفيه على وجهه، ورجع القهقري إلى بيته، فأسلم مكانه، وقال: " والله، لقد خفت ألا أبلغ بيتي، حتى يطمس وجهي "، وأصحاب السبت: هم الذين اعتدوا في السبت في الصيد، حسبما تقدم، قال قتادة وغيره: وأمر الله في هذه الآية واحد الأمور دال على جنسها لا واحد الأوامر، فهي عبارة عن المخلوقات، كالعذاب، واللعنة هنا، أو ما اقتضاه كل موضع مما يختص به.
وقوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء...) الآية: هذه الآية هي الحاكمة ببيان ما تعارض من آيات الوعد والوعيد، وتلخيص الكلام فيها أن يقال: الناس أربعة أصناف: كافر مات على كفره، فهذا مخلد في النار، بإجماع، ومؤمن محسن لم يذنب قط، ومات على ذلك، فهذا في الجنة محتوم عليه حسب الخبر من الله تعالى، بإجماع، وتائب مات على توبته، فهو عند أهل السنة وجمهور / فقهاء الأمة لاحق بالمؤمن المحسن، إلا أن قانون المتكلمين أنه في المشيئة، ومذنب مات قبل توبته، فهذا هو موضع الخلاف، فقالت المرجئة: هو في الجنة بإيمانه، ولا تضره سيئاته، وجعلوا آيات الوعيد كلها في الكفار، وآيات الوعد عامة في المؤمنين، تقيهم وعاصيهم، وقالت المعتزلة: إذا كان صاحب كبيرة، فهو في النار، ولا بد، وقالت الخوارج: إذا كان صاحب كبيرة، أو صغيرة، فهو في النار مخلد، ولا إيمان له، لأنهم يرون كل الذنوب كبائر، وجعلوا آيات الوعد كلها في المؤمن الذي لم يعص قط، والمؤمن التائب، وقال أهل السنة: هو في المشيئة، وهذه الآية هي الحاكمة، وهي النص في موضع النزاع، وذلك
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة