(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65) ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا (66) وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما (67) ولهديناهم صراطا مستقيما (68)) وقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم...) الآية:
قال الطبري: قوله: " فلا ": رد على ما تقدم، تقديره: فليس الأمر كما يزعمون / أنهم آمنوا بما أنزل إليك، ثم استأنف القسم، وقال غيره: إنما قدم " لا " على القسم، اهتماما بالنهي، وإظهارا لقوته، قال ابن عطاء الله في " التنوير ": وفي قوله سبحانه: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم): دلالة على أن الإيمان الحقيقي لا يحصل إلا لمن حكم الله ورسوله على نفسه، قولا وفعلا، وأخذا وتركا، وحبا وبغضا، فتبين لك من هذا أنه لا تحصل لك حقيقة الإيمان بالله إلا بأمرين: الامتثال لأمره والاستسلام لقهره سبحانه. انتهى.
و (شجر): معناه اختلط والتف من أمورهم، وهو من الشجر، شبه بالتفاف الأغصان، والحرج: الضيق والتكلف والمشقة، قال مجاهد: حرجا: شكا.
وقوله: (تسليما). مصدر مؤكد منبئ عن التحقيق في التسليم، لأن العرب إنما تردف الفعل بالمصدر، إذا أرادت أن الفعل وقع حقيقة، كما قال تعالى: (وكلم الله موسى تكليما) [النساء: 164] قال مجاهد وغيره: المراد بهذه الآية من تقدم ذكره ممن أراد التحاكم إلى الطاغوت، وفيهم نزلت، ورجح الطبري هذا، لأنه أشبه بنسق الآية، وقالت طائفة: نزلت في رجل خاصم الزبير بن العوام في السقي بماء الحرة، كما هو مذكور في البخاري وغيره، وأن الزبير قال: فما أحسب أن هذه الآية نزلت إلا في ذلك.
و (كتبنا): معناه: فرضنا، (أن اقتلوا أنفسكم): معناه: يقتل بعضكم بعضا، وقد