تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٩١
(إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان عليما حكيما (17) وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما (18)) وقوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة...) الآية.
قال * ص *: التوبة: مبتدأ، على حذف مضاف، أي: قبول التوبة. انتهى.
قال * ع *: " إنما ": حاصرة، وهو مقصد المتكلم بها أبدا، فقد تصادف من المعنى ما يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله تعالى: (إنما الله إله واحد) [النساء: 171]، وقد لا تصادف ذلك، كقوله: " إنما الشجاع عنترة "، وهي في هذه الآية حاصرة، إذ ليست التوبة إلا لهذا الصنف المذكور، وتصح التوبة، وإن نقضها التائب في ثاني حال بمعاودة الذنب، فإن التوبة الأولى طاعة قد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد مواقعة الذنب إلى توبة أخرى مستأنفة، وتصح أيضا التوبة من ذنب مع الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب.
وقوله تعالى: (على الله)، أي: على فضل الله ورحمته لعباده، وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم: " ما حق العباد على الله "، إنما معناه: ما حقهم على فضله ورحمته، والعقيدة أنه لا يجب على الله / تعالى شئ عقلا، و (السوء)، في هذه الآية: يعم الكفر والمعاصي، وقوله تعالى: (بجهالة): معناه: بسفاهة، وقلة تحصيل أدى إلى المعصية، وليس المعنى أن تكون الجهالة بأن ذلك الفعل معصية، لأن المتعمد للذنوب كان يخرج من التوبة، وهذا
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة