تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٦
وقوله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما...) الآية: أكثر الناس أن الآية نزلت في الأوصياء الذين يأكلون ما لم يبح لهم من أموال اليتامى، وهي تتناول كل آكل، وإن لم يكن وصيا، وورد في هذا الوعيد أحاديث، منها: حديث أبي سعيد الخدري، قال:
حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم، عن ليلة أسري به، قال: " رأيت قوما لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار تخرج من أسافلهم، قلت:
يا جبريل، من هؤلاء؟ قال: هم الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ".
قلت: تأمل (رحمك الله) صدر هذه السورة معظمه إنما هو في شأن الأجوفين البطن والفرج مع اللسان، وهما المهلكان، وأعظم الجوارح آفة وجناية على الإنسان، وقد روينا عن مالك في " الموطأ "، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " من وقاه الله شر اثنين، ولج الجنة ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه ".
قال أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد ": ومعلوم أنه أراد صلى الله عليه وسلم ما بين لحييه: اللسان، وما بين رجليه: الفرج، والله أعلم.
ولهذا أردف مالك حديثه هذا بحديثه عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر (رضي الله عنه)، وهو يجبذ لسانه، فقال له عمر: مه، غفر الله لك، فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد، قال أبو عمر: وفي اللسان آثار كثيرة، ثم قال أبو عمر: وعن أبي هريرة: أن أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان: البطن، والفرج، ثم أسند أبو عمر عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من يتكفل لي بما بين لحييه وما بين رجليه، وأضمن له الجنة "، ومن طريق جابر نحوه. انتهى.
والصلي: هو التسخن بقرب النار أو بمباشرتها، والمحترق الذي يذهبه الحرق ليس
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة