تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٥
في هذه الآية؟ فقال ابن عباس وغيره: المراد: من حضر ميتا حين يوصى، فيقول له: قدم لنفسك، وأعط لفلان وفلان، ويؤذي قال الورثة بذلك، فكأن الآية تقول لهم: كما كنتم تخشون على ورثتكم وذريتكم بعدكم، فكذلك فاخشوا على ورثة غيركم /، ولا تحملوه على تبذير ماله، وتركهم عالة، وقال مقسم وحضرمي: نزلت في عكس ذلك، وهو أن يقول للمحتضر: أمسك على ورثتك، وأبق لولدك، وينهاه عن الوصية، فيضر بذلك ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وكل من يستحق أن يوصى له، فقيل لهم: كما كنتم تخشون على ذريتكم، وتسرون بأن يحسن إليهم، فكذلك فسددوا القول في جهة اليتامى والمساكين.
قال * ع *: والقولان لا يطردان في كل الناس، بل الناس صنفان، يصلح لأحدهما القول الواحد، وللآخر القول الثاني، وذلك أن الرجل، إذا ترك ورثة أغنياء، حسن أن يندب إلى الوصية، ويحمل على أن يقدم لنفسه، وإذا ترك ورثة ضعفاء مقلين، حسن أن يندب إلى الترك لهم، والاحتياط، فإن أجره في قصد ذلك كأجره في المساكين، فالمراعي إنما هو الضعف، فيجب أن يمال معه.
وقال ابن عباس أيضا: المراد بالآية: ولاة الأيتام، فالمعنى: أحسنوا إليهم، وسددوا القول لهم، واتقوا الله في أكل أموالهم، كما تخافون على ذريتكم أن يفعل بهم خلاف ذلك.
وقالت فرقة: بل المراد جميع الناس، فالمعنى: أمرهم بالتقوى في الأيتام، وأولاد الناس، والتسديد لهم في القول، وإن لم يكونوا في حجورهم، كما يريد كل أحد أن يفعل بولده بعده، والسديد: معناه: المصيب للحق.
(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا (10))
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة